للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤ ـ هل يمكن تخريج شرط البرء على الجعالة؟

الجعالة: التزام عوض معلوم على عمل معين، معلوم أو مجهول، بمعين أو مجهول (١) . وهي صحيحة جائزة عند جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة. أما الحنفية فيرون أنها عقد فاسد؛ لأنها من قبيل الإجارة التي لم تستوف شروط صحتها من العلم بالعمل، والعلم بالأجر، وقبوله في المجلس، والعلم بالمدة، إلى غير ذلك (٢) .

وسند الجعالة ـ في مسألتنا ـ ما رواه أبو سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعث سرية عليها أبو سعيد، فمر بقرية، فإذا ملك القرية لديغ، وطلب أهل الحي من الصحابة رقية سيدهم ـ وكانوا قد استضافوهم فلم يضيفوهم ـ فقال أبو سعيد: لا نرقيه حتى تجعلوا لنا جعلًا، فجاعلوهم على قطيع من الغنم، فقرأ عليه أبو سعيد سورة الفاتحة فشفي من ساعته كأنما نشط من عقال، فلما رجعوا ومعهم الغنم قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((وما أدراك أنها رقية؟ اضربوا لي معكم بسهم)) (٣) .

وبناء على ذلك: جاء في البيان والتحصيل: سئل ابن القاسم وابن وهب عن الطبيب يشارط المريض يقول: أعالجك، فإن برئت فلي من الأجر كذا وكذا، وإن لم تبرأ غرمت لي ثمن الأدوية التي أعالجك بها، فكرهاه، وأجازه الإمام مالك بن أنس (٤) .


(١) (الرملي، نهاية المحتاج: ٥ / ٤٦٢)
(٢) (الكاساني، بدائع الصنائع: ٤ / ١٨٤، ابن الهمام، فتح القدير: ٤ / ٤٣٥ ـ ٤٣٧، ابن نجيم، البحر الرائق: ٥ / ١٦٠ ـ ١٦١. وقد أخذت بها القوانين المنبثقة من الفقه الإسلامي، كالقانون المدني الأردني (م ٢٥٥) وقانون معاملات المدنية الإماراتي (م ٢٨١)
(٣) (الحديث برواياته في البخاري: ٣ / ١٢١؛ وفي مسلم: ٤ / ١٧٢٧، وانظر: ابن حجر العسقلاني، إتحاف المهرة، المدينة المنورة ١٤١٦ هـ / ٥ / ٢٥٠)
(٤) (ابن رشد الجد، البيان التحصيل: ٨ / ٤٥٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>