للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالحاصل من اختلاف الفقهاء في اشتراط البرء على الطبيب، أن الإمام مالكًا جوز المشارطة على البرء إذا كانت بصيغة الإجارة.

وجوزها الشافعية كما قال الشبراملسي إذا كانت بصيغة الجعالة، أما الحنابلة فجوزها ابن قدامة، ومنعها محشي المقنع.

والذي أرى في اشتراط البرء على الطبيب لاستحقاقه الأجرة هو عدم الجواز، وذلك لعدة وجوه:

إن هذا العقد يقترن بشرط يوجد فيه غرر، لأن الشرط -وهو برء المريض- يحتمل وجوده وعدمه، ربما يبرأ المريض ربما لا يبرأ، فلا يمكن الوقوف على وجود الشرط في الحال.

يشتمل هذا العقد على غرر في محله كذلك لأن محل العقد هو العلاج حتى البرء، ولا يدري الطبيب ولا المريض مدة العلاج التي يحصل فيه برؤه، ربما يبرأ المريض من علاج يوم واحد، وربما يبرأ بعد مدة من العلاج، كما لا يمكن القطع بحصول البرء، والمعقود عليه مجهول ومحتمل للوجود والعدم.

ويحتوي العقد كذلك على أمر غير مقدور التسليم قطعًا، لأن الطبيب يعقد الإجارة على أمر لا يقدره، إذا سلمنا أن هناك إجارة كما يقول المالكية، لأن البرء عن المرض هو بيد الله تعالى، لا بيد الطبيب، والإجارة على ما لم يقدر عليه هي إجارة غير صحيحة، كما أن شخصًا عقد الإجارة على أنه يأخذ النجم من السماء أو مثل ذلك، فالإجارة تكون غير صحيحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>