الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على رسوله الكريم وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحبه أجمعين.
هنا لا بد من أن أقول: من نخاطب نحن بهذه القرارات وبهذه البحوث وبهذه الأحكام؟ نخاطب الحكومات، الشركات، والمؤسسات بما فيها المستشفيات والأفراد؛ لأن الكل يحرص ـ إن شاء الله ـ على معرفة الحكم الشرعي، لكن لا بد من أن ننتبه إلى الاصطلاحات التي أصبح لها مداليل في الواقع العام عندما نبين الأحكام الشرعية حتى يكون الحكم على الشيء فرع عن تصوره. % % % % % % %
فيما يتعلق بالعلاج الصحي في الدول هو في الواقع على نوعين: النوع الأول ما يدخل تحت مفاهيم الضمان الاجتماعي، يعني أن الدولة تقوم بمسؤولياتها تجاه رعاياها فتوفر لهم العلاج من خلال مستشفياتها التابعة لوزارة الصحة، فهي من باب مسؤولية الدولة عن رعايها، وهذا حقيقة يتطلب في النهاية موارد للدولة تغطي هذه الرعاية؛ لأن هذه الرعاية باتت مكلفة أمام التقدم الطبي وأمام كلفة العمليات الكبيرة، لذلك كل زيادة في هذا الأمر تتطلب زيادة في الموارد التي يجب أن تحصل من الرعايا.
في الدولة الإسلامية كما تعلمون هنالك موارد عديدة تغطي هذا الأمر، ومن أهمها الزكاة؛ لأن الزكاة تصرف ـ كما نص علماؤنا ـ على علاج المرضى الفقراء.
أما موضوع التأمين الصحي فيما تقدمه الدولة لموظفيها وبعض من رعاياها هو تأمين اجتماعي يقوم على تغطية النفقات من حصيلة الاشتراكات وليس من مسؤولية الدولة العامة.
وحقيقة مؤسسة التأمين في وزارة الصحة تتعهد للمستشفيات بأن تقدم لهم نفقات العلاج وفقًا لفواتير ومتابعات، وكثيرًا ما تقل حصيلة الاشتراكات عن المطلوب من المستشفيات فيدفع من موازنة الدولة الأخرى، أو يؤجل للسنة التالية، أو يزيد فتحول الزيادة للسنوات التي تليها، فكأن هنالك تعهد من مؤسسة التأمين الصحي للمستشفيات التي تحدد، مستشفيات وزارة الصحة وبعض المستشفيات الخاصة أو غيرها، كأن هنالك تعهد من هذه المستشفيات لهذه الجهات بان تدفع نفقات علاج المرضى الذين يراجعونها والذين يحملون بطاقات التأمين مهما بلغت لكلفة وفق الشروط المبينة بالتأمين، حيثق تغطي بعض أنواع الأمراض ولا تغطي أنواع أخرى وهكذا.
فمن هنا هذا النوع بالذات هو واضح الحكم فيه؛ لأنه عبارة عن التقاء هؤلاء بعمل صندوق ليغطي نفقات علاجهم ولا ضير في ذلك، وأي جهالة أو غرر في هذا مغفترة أمام المصلحة العامة التي تتحقق للمجموعة.