٣- الحالة الثالثة من التلقيح الاصطناعي، وهي التي تتم خارجيًا بين بزرتي زوجين في وعاء مختبري وتزرع في رحم الزوجة صاحبة البويضة نفسها، وهي التي جاءت إلى العالم البشري بأول طفلة أنبوب (لويزا براون) .
معظم من بحثوا أو أجابوا من علماء الإسلام المعاصرين في موضوع التلقيح الصناعي وأطفال الأنابيب من أساتذة في كليات الشريعة أو مفتيين أو قضاة شرعيين –فيما علمت- قد اتفقت كلمتهم على أن هذه الحالة جائزة بلا تحفظ، وأما المحظور شرعًا فهو الحالات التي تكون فيها البزرتان أو إحداهما من مصدر متبرع.
وقليل منهم من تحفظ وتردد في الجواز.
وإنني كنت في سابق أجوبتي في هذه القضية ترددت في جواز هذه الصورة الثالثة التي تبدو مبدئيا جائزة شرعا. وكان ترددي فيها من ثلاث نواح:
١- من ناحية غموض نتائج التجربة في مستقبل حياة الولد المنتوج فيها من حيث احتمال الارتفاع في نسبة التشوه في هذا الطريق الاصطناعي عن المعتاد في الحمل بالطريقة الطبيعية لعدم إمكان كشف ذلك قبل التكرار الكثير، ومن حيث احتمال تأديتها إلى أضرار أخرى مرضية لا يمكن الجزم بالأمان منها في هذه الطريقة قبل مضي زمن طويل من عمر الوليد.
٢- من جهة كونها صالحة لأن تتخذ ذريعة إلى الفساد والشك في الأنساب التي يقوم عليها الإسلام كيان الأسرة والحقوق الشرعية بين أفرادها، وحرمات القرابة والمصاهرة. ذلك لأن سلوك هذا الطريق الاصطناعي الخارجي لإنتاج الولد سيجعل أمر نسبة تابعا لقول الطبيب الذي سيقرر أنه أجرى التلقيح بين بزرتي الزوجين، وهذا يفسح مجالا للشك بأن الطبيب قد غلط بين وعاء وآخر أو أنه قد ساير رغبة المرأة الراغبة في الأمومة لأمر ما، فيهيأ لها الجنين المطلوب في المختبر من بويضة سواها، ولم يكن في مبيضها هي بويضة. إلى غير ذلك من احتمالات وتكون في صدق الطبيب لأسباب شتى.
٣- من حيث ما سبقت الإشارة إليه وهو أن كل تلقيح اصطناعي يستلزم انكشاف عورة المرأة
على أنني قد انتهيت فيما سلف بيانه عن انكشاف العورة إلى أن هذا المحظور الشرعي يمكن صرف النظر عنه باعتبار أن حاجة المرأة إلى الأمومة ومصلحتها المشروعة فيها وصحتها تبيع هذا المحظور.
ولكن إذا اسقطنا من الاعتبار هذا المحظور الثالث بقي السببان السابقان كافيين للتحفظ والتردد الكبير في جواز هذه الطريقة من التلقيح الصناعي لذلك يترجح في نظري جانب الحظر فيها مبدئيا، فلا تمارس إلا في أٌقصى درجات الأضرار أو الحاجة الشديدة حين لا يكون للزوجين ولد، والطبيب عدل ثقة
٤- الحالة الرابعة من التلقيح الصناعي، وهي التي تتم خارجيا بين بزرة زوج وبويضة متبرعة ثم تزرع في رحم الزوجة.