للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمدرك الفقهي لهذه المسألة، الذي ينفي الاضطراب ويقطع القيل والقال هو أن نقل الدم من إنسان إلى آخر في إطار الشروط المذكورة ومن أهمها " الاضطراب " هو: " من باب الغذاء لا الدواء " فكمية الدم نقصت مادتها فيحتاج إلى تغذيتها (١) . ولهذا فهو داخل في حكم المنصوص عليه بإباحة تناول المضطر في مخمصة من المحرمات لإنقاذ نفسه من الهلكة، كما في آيات الاضطرار ومنها قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} إلى قوله: {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} المائدة: ٣

ولو قيل: هو من باب الدواء فيقال (٢) : "إذا اضطررنا إليه فلم يحرم علينا حينئذ، بل هو حلال فهو لنا حينئذ شفاء ".

هذا وقد قرر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في مواضع: أن الدم الآدمي طاهر ما دام في جسده، فإذا ظهر وبرز كان نجساً، ورد على من قال بنجاسته ما دام في جسد الآدمي بوجوه متعددة من أهمها (٣) :

عدم الدليل على تنجيسها والأصل الطهارة، وإن خاصية النجس وجوب مجانبته في الصلاة، وهذا مفقود فيها في البدن من الدماء وغيرها ومنها: " إن الدماء المستخبثة في الأبدان وغيرها هي أحد أركان الحيوان التي لا تقوم حياته إلا بها حتى سميت نفساً، فالحكم بأن الله يجعل أحد أركان عباده من الناس والدواب نوعاً نجساً في غاية البعد".


(١) انظر: فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: ١٠/ ٩٢ ـ ٩٣
(٢) المحلى: ١/ ٢٣٤.
(٣) الفتاوى: ٢١/٥٥٨ ـ ٦٠١

<<  <  ج: ص:  >  >>