الطريقة الثانية: ويتم اللجوء إليها عند عدم إمكان اللجوء إلى الطريقة الأولى: الاعتماد على إجراء قرعة تجريها الدولة للوصول إلى تحقيق الواجب الكفائي.
وتعتمد في ذلك على السبل الإجرائية التي ترى أنها الأليق والأكثر اتفاقاً مع المصلحة العامة.
وثمرة القرعة في هذه الحال، سقوط حق أولياء الميت الذي خرجت عليه القرعة، في النظر في هذا الأمر، وثبوت حق الدولة في تشريح جثته للمصلحة الضرورية العامة، مع وجوب الالتزام الدقيق بما ذكرناه من ضوابط الضرورة القصوى، وعدم تجاوزها بحال من الأحوال.
وبعد، فلعلنا استوفينا من خلال هذا الموجز بيان أحكام هذه المسألة بجوانبها وصورها المختلفة، ولقد حرصنا أن يكون معتمدنا أولا: الأصول والقواعد الشرعية التي هي الأساس المتبع للبحث والاجتهاد الفقهي، ثانياً الاعتماد على ما قرره أئمتنا الفقهاء الأعلام في نظائر هذه المسألة أو ما يجري مجراها، ويدخل في مناطاتها، من الأحكام الجزئية المختلفة.
فإذا جاء الاجتهاد منضبطاً بهذين الأساسين، فإنا لنرجو ونسأل الله أن يكون مكللاً بالتوفيق وإصابة الحق في علم الله عز وجل وحكمه.
غير أن ثمة أساساً ثالثاً لا بد للاعتماد عليه في طريق الحرص والسعي إلى موافقة اجتهاداتنا حكم الشريعة الإسلامية، إلا أنه ليس من اختصاص الباحث ولا هو في مقدوره. وإنما المعتمد في رعايته هو المجتمع الذي ينهض بدور التنفيذ والتطبيق.
هذا الأساس هو مراقبة الله عز وجل في تنفيذ هذه الأحكام، والحرص على ممارستها وتطبيقها على الوجه الذي يتفق مع مقاصد الشريعة الإسلامية والحكمة التي يتوخاها الشارع مما شرع لعباده.
فإن لم يتحقق هذا الأساس التنفيذي، فإن جهود الباحثين والمجتهدين تظل على الغالب نظرية، هذا إن لم نقل: إنها قد تصبح مطايا تحت سلطان الكثيرين لتحقيق المآرب الدنيوية والوصول إلى كثير من المبتغيات غير المشروعة.
والله المستعان أن يوفقنا، باحثين ومنفذين، لرعاية هذه الأسس الثلاثة على خير وجه، إنه نعم المستعان ونعم النصير.