للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم تكتف الشريعة الإسلامية بتقرير هذا المبدأ العام مع وضوحه ودلالته بل زادت ذلك بالنص على منع كل ما يضر الإنسان، ومن ذلك:

١- النهي عن أن يرهق الإنسان نفسه بالأعمال ولو كانت عبادة.

وحسبنا في تقرير هذا المبدأ ما روي عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال: بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أني أسرد الصوم، وأصلي الليل، فإما أرسل إليَّ، وإما لقيته، فقال: ((ألم أخبر أنك تصوم ولا تفطر، وتصلي الليل؟ فلا تفعل، فإن لعينك حظًّا، ولنفسك حظا ولأهلك حظا، فصم وأفطر، وصل ونم، وصم من كل عشرة أيام يوماً، ولك أجر تسعة)) قال: إني أجدني أقوى من ذلك يا نبي الله. فقال: ((فصم صيام داود عليه السلام)) قال: وكيف كان داود يصوم يا نبي الله؟ قال: ((كان يصوم يوماً ويفطر يوماً، ولا يفر إذا لاقى)) قال: من لي بهذه يا نبي الله؟ قال عطاء: فلا أدري كيف ذكر صيام الأبد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا صام من صام الأبد، لا صام من صام الأبد)) رواه مسلم (١) .

وما روي عن أنس أن نفراً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال بعضهم: لا أتزوج. وقال بعضهم: أصلي ولا أنام. وقال بعضهم: أصوم ولا أفطر. فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((ما بال أقوام قالوا كذا وكذا، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأنام، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني)) . متفق عليه.

٢- النهي عن التقتير والبخل: وأشد أنواعه أن يقتر الإنسان على نفسه ويبخل عليها بما أنعم الله عليه... ومن يفعل ذلك يستحق أشد العقاب.

يقول الله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (٨) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (٩) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} (٢) ويقول جل شأنه: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} الآية (٣)


(١) صحيح مسلم
(٢) الآيات: ٨، ٩، ١٠ الليل.
(٣) الآية ١٨٠ من سورة آل عمران، واقرأ الآيتين ٣٤، ٣٥ من سورة التوبة

<<  <  ج: ص:  >  >>