للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمتتبع للنصوص الواردة في الكتاب والسنة يتضح له منها هذه الرعاية، ويتبين له أن صلة الإنسان بجسمه ليست صلة مالك يتصرف في ملكه كيفما يشاء وبما يشاء، ولا تسلط يخضع المسلط عليه لرغباته دون حساب ودون رقيب..، ولكنها صلة كصلة المودع بالوديعة التي وضعت تحت يده، فهو أمين عليها، ومطالب بأن يحوطها بكل مقومات الحفظ والصيانة، وبكل ما يدرأ عنها الأضرار حتى ترد إلى صاحبها، وصلة كصلة المنتفع بما وهب له الانتفاع به، فيجب أن يباشر انتفاعه به على الوجه الذي رسمه له مالكه، وعلى المنهج الذي ارتضاه له، وفي الحدود التي ارتضاها وشرعها، فإذا جاوز الحد حق عليه الجزاء.

وقد سبق أن بينا أن المالك لكل ما في الكون من إنسان وغيره هو الله سبحانه وتعالى.

وعلى ضوء هذا حرم الله تعالى تعريض الإنسان نفسه للهلاك، وعاقب عليه أشد العقاب، وفي تقرير ذلك يقول الله تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (١) ويقول جل شأنه: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} . (٢)

ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((إن هذا الإنسان بنيان الله، ملعون من هدم بنيانه)) . ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيها خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن تحسى سماً فقتل نفسه فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلدا فيها أبداً، ومن قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده يتوجأ بها في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً)) رواه البخاري ومسلم.

وروي عن جندب البجلي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((كان ممن كان قبلكم رجل به جرح فجزع فأخذ سكيناً، فجز بها يده، فما رقأ الدم حتى مات، قال الله تعالى: بادرني عبدي بنفسه، حرمت عليه الجنة)) أخرجه البخاري ومسلم.


(١) الآية ١٩٥ من سورة البقرة
(٢) الآية: ٢٩ من سورة النساء

<<  <  ج: ص:  >  >>