للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما ذكر في كتاب الله تعالى نأخذ أن اتخاذ الأسباب للوصول إلى النتائج المرجوة أمر قرره الشرع، ومنهج مشروع ارتضاه لنا الخالق جل شأنه ... فقد تحققت النتيجة المرجوة هنا ـ وهي شفاء أيوب عليه السلام ـ إثر أمر الله تعالى له بأن يركض برجله، فما خرج نتيجة الركض من الماء فعليه أن يغتسل منه، وعليه أن يشرب، فكان الشفاء ظاهراً وباطناً إثر ذلك، تلك إشارة كريمة من المشرع الكريم لربط الأسباب بالمسببات، وترتب المسببات على أسبابها بإذنه تعالى، وهو القادر جل شأنه أن يقول: (كن فيكون) دون ركض أو شرب، ولكنها حكمة عالية، وإشارة حكيمة من قادر حكيم لخلقه، كي يبحثوا ويتخذوا من الأسباب ما يوصل إلى النتائج بإذنه تعالى وتوفيقه.

وفي قصة يونس عليه السلام:

فقد قال تعالى في شأن يونس عليه السلام حينما التقمه الحوت، وهو مليم، ثم نبذه بالعراء وهو سقيم:

{فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ (١٤٥) وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ} [الآيتان ١٤٥، ١٤٦ من سورة الصافات] .

وورد فيما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه (١) قال: {فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ} قال: كهيئة الفرخ الممعوط ليس عليه ريش، قال: وأنبت عليه شجرة من يقطين، فنبتت، فكان يستظل بها ويصيب منها....

وقد روي عن أبي هريرة أن اليقطينة هي (شجرة الدباء) وقيل: هي (شجرة التين) وقيل: شجرة الموز تغطى بأوراقها، واستظل بأغصانها، وأفطر على ثمارها، والأكثر على أنها شجرة اليقطين، واليقطين ما لا ساق له كشجر القرع والبطيخ والحنظل والدباء.... وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يحب القرع ويقول: ((إنها شجرة أخي يونس)) (٢) .


(١) القرطبي: ١٥/ ١٣٠
(٢) القرطبي: ١٥/ ١٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>