وكذا فسر الشيخ محمود شلتوت رحمه الله (سبيل الله) بأنه (المصالح العامة التي لا ملك فيها لأحد والتي لا يختص بالانتفاع بها أحد، فملكها لله، ومنفعتها لخلق الله، وأولاها وأحقها: التكوين الحربي الذي ترد به الأمة البغي وتحفظ الكرامة، ويشمل العدد والعدة على أحدث المخترعات البشرية، ويشمل المستشفيات عسكرية ومدنية، ويشمل تعبيد الطرق ومد الخطوط الحديدية وغير ذلك مما يعرفه أهل الحرب والميدان، ويشمل الإعداد القوي الناضج لدعاة إسلاميين، يظهرون جمال الإسلام وسماحته، ويفسرون حكمته، ويبلغون أحكامه، ويتعقبون مهاجمة الخصوم لمبادئه بما يرد كيدهم إلى نحورهم.
(وكذلك يشمل العمل على دوام الوسائل التي يستمر بها حفظة القرآن الذين تواتر – ويتواتر- بهم نقله كما أنزل –من عهد وحيه إلى اليوم، وإلى يوم الدين إن شاء الله) .
وهو تأييد لما ذهب إليه صاحب المنار رحمه الله.
وعلى هذا الأساس أفتى من سأله عن جواز صرف الزكاة في بناء المساجد فكان جوابه:
(إن المسجد الذي يراد إنشاؤه أو تعميره إذا كان هو المسجد الوحيد في القرية، أو كان بها غيره ولكن يضيق بأهلها ويحتاجون إلى مسجد آخر، صح شرعاً صرف الزكاة لبناء هذا المسجد أو إصلاحه والصرف على المسجد في تلك الحالة يكون من المصرف الذي ذكر آية المصارف الواردة في سورة التوبة باسم {سَبِيلِ اللَّهِ} .
وهذا مبني على اختيار أن المقصود بكلمة {سَبِيلِ اللَّهِ} المصالح العامة التي ينتفع بها المسلمون كافة، ولا تخص واحداً بعينه، فتشمل المساجد والمستشفيات ودور التعليم ومصانع الحديد والذخيرة، وما إليها مما يعود نفعه على الجماعة.
وأحب أن أقرر هنا أن المسألة محل خلاف بين العلماء (ثم ذكر الشيخ ما نقله الرازي في تفسيره عن القفال من صرف الصدقات في جميع وجوه الخير ... ) إلى أن قال: وهذا ما أختاره وأطمئن إليه وأفتي به، ولكن مع القيد الذي ذكرناه بالنسبة للمساجد، وهو أن يكون المسجد لا يغني عنه غيره، وإلا كان الصرف إلى غير المسجد أولى وأحق.