ويلاحظ كذلك أن المصطلحات القرآنية في تحديد مصارف الزكاة الثمانية: الفقراء، المساكين، العاملين عليها، المؤلفة قلوبهم، في الرقاب، الغارمين، في سبيل الله، وابن السبيل، هذه المصطلحات لم ترد ولو مرة واحدة بصيغتها القرآنية، أو بعباراتها الفقهية في عبارات النظام الأساسي للصندوق، ولربما كانت الحكمة التي هدى الله إليها قادة الدول الإسلامية ووزراء الخارجية هو أنه على الرغم من أهمية الصندوق وإسلاميته أن يترك الباب مفتوحا لتحديد هذه النقطة الخطيرة لجهاز مختص لمجمع الفقه الإسلامي؛ حيث كانت فكرة تأسيس هذا المجمع موجودة منذ تأسيس منظمة المؤتمر الإسلامي، لكنها لم تر النور بصورة قانونية إلا عند قرار نظامه الأساسي من طرف المؤتمر الثالث عشر لوزراء الخارجية.
رابعا: مما لا يقبل الجدال أن بعض الأهداف المشار إليها في النظام الأساسي لصندوق التضامن الإسلامي، والذي تدعمها محصلة النتائج لمختلف نشاطات الصندوق ومساهماته منذ تأسيسه إلى يومنا هذا يمكن الموافقة بين بعضها وبين المعاني أو المدلولات الشرعية لمصارف الزكاة، مثل باب الأزمات والمحن، والكوارث الطبيعية، والظروف الاجتماعية التي تتعرض لها بعض الدول والمجتمعات الإسلامية، مما يبرز في تلك المجموعات جماعات من الفقراء والمساكين والغارمين وابن السبيل.
ويتوقف ضيق أو سعة دائرة الموافقة بين مصارف الزكاة وبين الأجهزة والهيئات التي أسسها المسلمون – لتجسيد فكرة التضامن والتآخي في الإسلام – على مدى استعداد المذاهب الفقهية والمجتهدين من الفقهاء لتأويل أو تفسير مصارف الزكاة؛ فبعضهم يرون الحكمة في الوقوف عند تفسير السلف وعدم تعديه، مثال ذلك: ما رجحته هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية بخصوص تفسير {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ}(١) حيث رأى أكثرية أعضاء المجلس الأخذ بقول جمهور العلماء من مفسرين ومحدثين وغيرهم، من أن المراد بقوله تعالى:{وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} الغزاة المتطوعون بغزوهم، وما يلزم لهم من استعداد وإذا لم يوجودوا صرفت الزكاة كلها للأصناف الأخرى، وليس صرفها في شيء من المرافق العامة، إلا إذا لم يوجد لها مستحق من الفقراء والمساكين وبقية الأصناف المنصوص عليها في الآية الكريمة. ويلاحظ نفس الاتجاه في تفسير كلمة الفقراء والمساكين والمؤلفة قلوبهم والغارمين.
(١) انظر قرار الهيئة رقم ٢٤ بتاريخ ٢١ /٨ / ١٣٩٤ هـ