ولا نرى أية فائدة في الاسترسال في ذكر الشواهد المشتقة من تراث الفقه الإسلامي الواسع إزاء تفسير هذه العبارات. وفي المقابل كان وما زال هنالك فريق من العلماء والمجتهدين يسترسلون في تفسير معاني مصارف الزكاة، وهم على درجات، فمنهم من يقتصد فيه ويتقيد بما أثر عن مذهب معين أو مجتهد معين من السلف، ومنهم من يجاري العصر بدون تحفظ كبير إلى درجة أنه يوسع مفهوم الفقراء والمساكين أو ابن السبيل أو الغارم أو المؤلفة قلوبهم – وبصفة خاصة مفهوم وفي سبيل الله - مستعينا بالمدلولات اللغوية والتاريخية؛ ليشمل في النهاية أشياء كثيرة.
وهناك أدلة كثيرة على ذلك أعتقد أننا لا نحتاج إلى ذكرها، لكن الشيء
الملاحظ أنه حتى في الحالات التي تتضح فيها إمكانية التوفيق بين هدف معين من أهداف الصندوق ومصرف محدد من مصارف الزكاة، فإن مسألة نفس المسلم على أن زكاته بلغت مصرفها تبقى قضية معلقة، حيث إنه بالإضافة إلى مشكلة الهدف توجد مشاكل فقهية كثيرة يجب تذليلها، أهمها: مشكلة نقل الزكاة من مكان إلى آخر، ومنها أيضا مسألة التمليك، ومنها أيضا مسألة تعجيل أو تأجيل الزكاة، ومنها أيضا مسألة دفع القيمة عن العين، وقلت بخصوص هذه النقاط ما أعتقد أنه يجب أن تكون النظرة الفقهية الملائمة لعصرنا، واستنتجت من هذه بعض الاستنتاجات والاقتراحات العلمية. وأرجو منكم أن تسمحوا لي بقراءة ملخص لها:
في حالة مراعاتنا للحكمة التي هدى الله إليها الأمة سلفا وخلفا من إعطاء الأولية قي الزكاة لأصحاب الحاجات الفردية الملحة، من فقراء ومساكين وفي الرقاب والغارمين وأبناء السبيل، إما مباشرة أو عن طريق هيئات مختصة في شئون الزكاة، ونظرا لما يتسم به العالم الإسلامي في يومنا من تفشي جميع مظاهر هذه السلبيات الفردية، وحيث إن أهداف صندوق التضامن أهداف اجتماعية لا مجال فيها للتمليك الفردي، فإن نطاق التطابق بين الزكاة وبين أهداف صندوق التضامن الإسلامي يكون ضيقا وضئيلا للغاية، بعكس ما ذهب إليه الإخوة الآخرون، أنا أرى، حتى في ميدان الهدف أن التطابق ضئيل جدا.