الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الكريم وعلى آله أصحابة أجمعين وبعد،
فأريد في فاتحة كلامي أن أشكر سيادة أخينا الأستاذ يوسف جيري على عرضه المستفيض للموضوع المطروح في هذه الجلسة، فإنه طرح أمامنا جميع النواحي الأساسية التي لا بد من النظر فيها قبل البت في هذه المسألة، وإنه ولكل باحث حقه في إيضاح وجهة نظره التي أبداها في بحثه، أما بالنسبة للموضوع، وهو صرف الزكاة لصالح صندوق التضامن الإسلامي، فالمسألة عندي كما تقدم به أخونا الأستاذ طه جابر حفظه الله ليست مسألة صرف الزكاة لصالح صندوق واحد أو آخر. وإنما المهم هل يصرف هذا الصندوق أموال الزكاة، في مصارفها المنصوصة أم لا؟ وأن النداءات التي تحدث عنها أخونا الأستاذ طه جابر، نرى في كل بلد أنه كلما حدثت حاجة مالية لمادة من المواد، حدثت نداءات لصرف هذه النسبة الضئيلة من أموال الزكاة لتلبية تلك الحاجة، مع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((إن في المال حقا سوى الزكاة)) ، فما لنا نجتهد بأن نصرف الزكاة في كل ما نحتاج إليه، وإن هذه النسبة الضئيلة قد خصصها الله سبحانه وتعالى للفقراء والمساكين والمصارف المنصوصة، وقد اتفق الفقهاء والأئمة الأربعة فيما أعتقد على أن الزكاة لا بد فيها من تمليك فردي، فلو صرفنا أموال الزكاة هذه إلى صندوق جماعي، وليس فيها اهتمام بالتمليك الفردي، فلا يجوز لنا أن نصرف أموال الزكاة إلى ذلك الصندوق. نعم لا بد للبلاد الإسلامية من مساندة مثل هذه الصناديق من مواردها الأخرى، التي حث إليها الله سبحانه وتعالى بالإنفاق في كتابه {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} آل عمران ٩٢. وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم قال:((إن في المال حقا سوى الزكاة)) ، فإذا نظرنا من هذه الناحية، إذا كان في صندوق التضامن الإسلامي ضمان لصرف أموال الزكاة عن طريق التمليك الفردي أو التوكيل، كما اقترحه الأستاذ يوسف جيري، فإنه يجوز عند ذلك صرف بعض أموال الزكاة إلى ذلك الصندوق، وأما في الظروف الموجودة التي لا ترى في مادة من مواد نظام هذا الصندوق ما يفترض صرف أموال الزكاة بطريق التمليك أو بالتوكيل، فلا أرى جواز ذلك، والله سبحانه وتعالى أعلم، وشكرا والسلام عليكم ورحمة الله.