فنحن إذن إن نرد أن ندعم صندوق التضامن الإسلامي يجب أن يتسع اتجاهنا إلى أن يشمل ما وراء الزكاة. يجب أن ننظر في طريقة نحمل بها المسئولين على تطبيق قوله صلى الله عليه وسلم:((إن في المال حقا سوى الزكاة)) ، ويجب أن نبحث عن طريقة نحمل بها المسئولين على تطبيق ما فرض الله سبحانه وتعالى على الثروات في باطن الأرض. ثم لا ينبغي أن نقف حجر عثرة في وجه إعانة صندوق التضامن الإسلامي بما قد يفيضه على حاجة أهل البلد من الفقراء والمساكين إن وجد ما يفيض، لينفقه الصندوق مما في الغارمين في التسديد على بعض الغارمين، وإما في بعض جوانب في سبيل الله، وإما في الرقاب.
وهنا أحب أن ألفت إلى شيء لم نعد الآن في عصر وجدت فيه الرقاب بالمعنى الذي كان معروفا، ولكن لدينا أسارى، لدينا أساري تضطهدهم ألعن فئة وجدت في البشرية منذ كانت، وفك هذا الرقاب من أوكد الواجبات على المسلمين، فإن لم تصرف الزكاة في مثل هذا ففيم تصرف؟ والمؤلفة قلوبهم لم يقل القرآن: من المسلمين، فلو استطعنا أن ننفق جزءا من الزكاة في تأليف بعض الجهات التي تحاربنا سواء من أجهزة الإعلام أو من أرباب النفوذ في الدول الأخرى؛ لنصرف مكرهم وشرهم عنا، ولندفع به على غيرنا، أفلا يكون هؤلاء من المؤلفة قلوبهم؟ لقد قالها عمر رضي الله عنه، كان ذلك لما كان الإسلام جذعا، أما الآن فقد بزل ذلك في عهده رضي الله عنه وهو يدوخ العالم كله بقوته الإيمانية وبجيش المسلمين، أما نحن الآن فالإسلام أقل من جذع، ينبغي أن نفكر واقعيين، وألا نجعل الإسلام منغلقا على نفسه، وأن نيسر أسباب الجهاد، وأن ندرك أننا لو وقفنا عند من كان يحصرون الزكاة في سبيل الله يعني في الجهاد والمجاهدين، لوجب أن نقف عند السيف والرمح، وماذا يفعل السيف والرمح في عهد الذرة ومشتقاتها، وفي عصر الصواريخ وعصر الفضاء؟
أيها السادة، إن مسؤوليتنا هنا مسؤولية أناس ينبغي أن يدركوا أنهم مسئولون أمام الله في تقديم الإسلام كحل بديل لكل هذه المعوقات، ولكل هذه الضلالات التي تعرض علينا من يمين ويسار. فلنقدم الإسلام عمليا ولنرجع به إلى النصوص الأولى من الكتاب والسنة، كما كان يفعل أحمد بن حنبل رضي الله عنه ومالك والشافعي، ولنبتعد عن الأقيسة، ولنلجأ إلى الاستنباط وابتغاء مناط التشريع، ففي مناط التشريع خير كثير. والسلام عليكم ورحمة الله.