للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ففي البخاري ومسلم عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الولد للفراش وللعاهر الحجر)) ويعني بالعاهر الزاني، ويعني بالفراش الزوجة التي في عصمة الزوج فإن حملت بهذا الغلام فإنه يحكم به لزوجها المذكور حرصًا على رعاية حفظ النسب وحماية حرمة النكاح الشرعي.

وتسمية المرأة فراشًا هو جار على ألسنة العرب لكونه يفترشها عند إرادة قضاء حاجته منها، كما قيل:

إذا رمتها كانت فراشًا يقلني وعند الفراغ منها خادم يتملق

كما أن الله سماها حرثًا في قوله {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} [سورة البقرة: الآية ٢٢٣] وهذا الحديث أي قوله: ((الولد للفراش وللعاهر الحجر)) هو نص في الحكم في هذه القضية وهو قاعدة عامة كلية من قواعد الشرع، يحفظ به حرمة النكاح، وطريق اللحاق بالنسب جوازًا وعدمًا، فهو يوجب قطع النزاع ويعيد الخلاف إلى مواقع الإجماع في مثل هذه القضية، فمتى حملت امرأة ذات زوج بالتلقيح الصناعي، أو الشتل، أو الزنا، أو الغصب، أو الوطء بالشبهة فإن حملها يعتبر للزوج ولزوجته التي حملت به ووضعته، ولا علاقة للغاصب أو الزاني أو المأخوذ منه المني فيه.

وهذا الحديث يفسره ما ذكر بسببه، فقد روى البخاري أنه تنازع سعد بن أبي وقاص، وعبد بن زمعة عند النبي صلى الله عليه وسلم في ولد جارية زمعة فقال سعد: إنه ابن أخي عتبة عهد إلي أن ابن وليدة زمعة مني فاقبضه فقبضته فقال عبد بن زمعة: إنه أخي وابن وليدة أبي، ولد على فراش أبي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((هو لك يا عبد بن زمعة الولد للفراش وللعاهر الحجر، واحتجبي منه يا سودة)) لما رأى قرب شبهة بعتبة مع العلم أنه أخو سودة لأبيها في ظاهر الحكم، وقد أدرجه البخاري في باب اتقاء الشبهات من صحيحه، فلم يكن وطء عتبة لهذه المرأة مغيرًا للحكم في الولد.

إن الأصل الباطل يتفرع عنه فنون من الباطل، وأن التلقيح بالشتل هو نفس التلقيح الصناعي، ما عدا أن التلقيح الصناعي هو نقل مني الرجل الغريب إلى المرأة ذات الزوج بلا واسطة فينشأ عنه الولد.

أما التلقيح بطريق الشتل فإنه يكون بواسطة امرأة الرجل الغريب التي هي غير صالحة للحمل، فيمر عليها وينقل منها إلى المرأة ذات الزوج الصالحة للحمل ومرور هذه النطفة بها لا يغير شيئًا من أوصافها، ولا ينبغي أن يقاس على شتل الشجر بعد نموه وكبره فينقل إلى مكان آخر فإن هذا شيء وذاك شيء آخر، مع العلم أنه لم يثبت التاريخ وجوده، وإنما ثبت وجود التلقيح الصناعي عن طريق الحيوان حيث يلقح البقر بمني الثور بطريقة فنية بحيث يوضع المني في شيء شبه الأنبوب، ويولج في فرج البقرة فتلقح.

<<  <  ج: ص:  >  >>