وأما الرأي الثاني فإنه يوجب الزكاة في أرباح أسهم تلك الشركات، الأسهم نفسها؛ فإنها تعتبر كالعقار المعد للإيجار، تكون الزكاة في إيجاره دون رقبته؛ لأن هذه الأسهم قد جعلت في الأصل للاستثمار وتوظيف المال.
وأنا أميل إلى هذا الرأي ما لم تكن تلك الأسهم تستغل في الأسواق المالية والتداول بها بين الأفراد، فإنها في هذه الحالة يكون حكمها حكم سائر السلع التي يقصد منها الاتجار والبيع والشراء ابتغاء الربح من ورائها، وبالتالي فإن حكم تلك الأسهم حكم السلع التجارية، وتضم قيمتها مع أرباحها، وتزكى تلك الأرباح مع قيمة الأصول، ومن المتعارف عليه بأن للسهم قيمتين؛ قيمة اسمية وهي المقدرة عند الإصدار، وقيمة سوقية تحدد في سوق الأوراق المالية. وقيمتها الحقيقية التي تقدر في الأسواق المالية تختلف في البيع والشراء عن قيمتها الاسمية، فهي إذاً من عروض التجارة، وهي كأموال التجارة، ولأن مالك السهم يستطيع في أي وقت أن يعيد رأس ماله في الأسهم إلى قالب نقدي له يستخدمه في أي حاجة يريدها، لذلك وعليه فإن المعتبر بأن زكاة تلك الأسهم التي قصد منها الاتجار بها وليس المقصود ابتداء استغلالها للربح هو قيمتها في الأسواق، يضاف إليها الربح، وليس قيمتها الأصلية أو الاسمية المسجلة لدى الشركة، بشرط أن تبلغ قيمة الأسهم في الأسواق المالية الربح نصاباً أو تكملا ما عنده من مال نصاباً.
وأما مقدار زكاة الأسهم سواء حسب الرأي الأول أو الثاني فلا خلاف فيه، ربع العشر أي ٢.٥ %. وهذا في نظري ينطبق على كافة الأسهم في الشركات، سواء أكانت الشركات المساهمة شركات صناعية محضة، أم شبه صناعية؛ أي: أنها لا تمارس عملاً تجارياً، أم كانت شركات تجارية.