للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نأتي إلى النقطة الفقهية، وهي: هل الأسهم بهذا التكييف فيها زكاة؟ ما دام السهم هو حصة في موجودات الشركة، هذه الحصة قد تكون نقوداً وقد تكون عيناً منقولاً أو عقاراً، والنقود التي يقدمها الشريك قد تتحول إلى عقار أو منقول، وكذلك الحصة العينية المنقول أو العقار قد يتحول إلى نقود، فالتكييف الحقيقي والواقعي في نظري للسهم هو أنه جزء من موجودات الشركة، أياً كان نوعها، هذه الموجودات أموال، ما في هذا من شك، مملوكة، تجب على مالكها زكاتها إذا توافرت طبعاً شروط الوجوب، وهذا الحكم - وهو وجوب الزكاة في الأسهم - لم أر من خالف فيه.

وقد نقلت في المذكرة رأياً لما كتبه الأستاذ أبو زهرة في هذا الموضوع، ونقلت أيضاً رأي الشيخ عبد الرحمن عيسى الذي قد يفهم منه أنه يرى أن بعض الأسهم لا زكاة فيها، وهي الأسهم التي تكون في الشركات الصناعية، بل هو قد صرح بهذا وعارضه في هذا الدكتور القرضاوي. والأستاذ الشيخ عبد الرحمن عيسى يفرق بين الأسهم في الشركات التجارية والأسهم في الشركات الصناعية، فيوجب الزكاة على أصحاب الأسهم في الشركات التجارية دون الشركات الصناعية. عارضه في هذا بعض الفقهاء، منهم كما قلت الدكتور القرضاوي.

والواقع أن هذا الاختلاف ليس خاصاً بالأسهم والشركات؛ لأنه يمكن أن يقال في كل مال مستثمر، فالأستاذ عبد الرحمن عيسى يرى أن الأسهم في الشركات الصناعية لا زكاة فيها؛ لأنها لم تتوافر فيها الشروط، والموضوع هذا بحث في المجمع على أساس أن المستغلات لا زكاة فيها، وإنما الزكاة في ريعها. فالنتيجة على الرأيين هي أن الأسهم أموال تجب فيها الزكاة إذا توافرت شروط وجوبها.

والاختلاف إنما هو في تحقق شروط الوجوب، لا في أصل الوجوب، ولهذا أقول: إن وجوب الزكاة في الأسهم يكاد يكون إجماعاً.

بعد ذلك ننظر في: هل الزكاة تجب على الشركة أم على المساهم؟

الزكاة تجب في المال على مالكه، فمال المالك لأموال الشركة، هنا أيضاً رجعت إلى كتب القانون. يقول الدكتور مصطفى كمال: "للشركة ذمة مالية مستقلة بأصولها وخصومها من ذمم الشركاء"، فأموال الشركة لا تعتبر ملكاً شائعاً بين الشركاء، بل تعتبر هذه الأموال ملكاً للشركة، والحصة التي يقدمها الشريك للشركة تخرج عن ملكه وتصبح مملوكة للشركة كشخص معنوي، ولا يكون للشريك بعد ذلك إلا مجرد نصيب في الأرباح أو في الأموال التي تبقى بعد تصفية الشركة، وهذا هو رأي القانونيين، إذا كان هذا الرأي مقبولاً فقهاً، فإن النتيجة المنطقية له هي أن زكاة أموال الشركة لا يطالب بها المساهمون، وإنما تطالب بها الشركة.

وإلى هذا الرأي ذهب بعض من تعرض لهذه المسألة، وقد أطال الحديث في هذا الموضوع الدكتور شوقي إسماعيل شحاته في كتابه "التطبيق المعاصر في الزكاة"، والدكتور وهبة الزحيلي، ووافقه على رأيه في بحثه المقدم للمجمع.

<<  <  ج: ص:  >  >>