للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول الدكتور شوقي إسماعيل: "لما كانت الشركة المساهمة لها شخصية اعتبارية مستقلة، وبناء على أن الزكاة تكليف متعلق بالمال نفسه، فإنها تجب على الشخص الاعتباري، حيث لا يشترط التكليف الديني، وأساسه البلوغ والعقل وقياساً على زكاة الماشية، وأن الخلطة فيها خصت بخصوصية تراجع الخلطاء فيما بينهم بالسوية على التفصيل الذي سبقت الإشارة إليه، وتحدث في هذا طويلاً". ويقول أيضاً: "إن الشركة في الماشية هي شركة أموال بالمفهوم المعاصر، وليست شركة أشخاص، وأن الشركة في الماشية تكون على وجه المخالطة، لا الملك، ومؤداها أن الزكاة تجب في مال الشركة المجتمع ككل، وليس في مال كل شريك على حدة". هذا هو رأي الدكتور شوقي.

الشيخ أبو الأعلى المودودي ذكر في كتابه "فتاوى الزكاة" أن زكاة الأسهم تفرض على الشركة إذا كانت الدولة تقوم بتحصيل الزكاة، ويفهم مما نقلته عن الشيخ عبد الرحمن عيسى أن زكاة الأسهم يخرجها المساهم؛ لأنه يتكلم عن المساهم، ورأيي في أن زكاة الأسهم تجب على المساهم، لا على الشركة؛ لأنه هو المالك الحقيقي للأسهم، والقول بأن الشركة هي المالك، وإن كان هذا رأي القانونيين، إلا أنني لا أوافق عليه؛ بدليل أنهم أعطوا لصاحب هذا السهم حق التصرف كما يتصرف المالك، كل ما هنالك أنه ليس له حق في أن يطالب بالمال الذي دفعه، وعندما تنحل الشركة يأخذ نصيبه. فهو المالك الحقيقي، ولذلك فالوجوب ينبغي أن يوجه إليه هو، لا إلى الشركة، أما الشركة فتتصرف في أسهمه نيابة عنه حسب الشروط المبينة في قانون الشركة ونظامها الأساسي. فإذا نص في النظام الأساسي على أن الشركة تخرج زكاة الأسهم وجب عليها إخراجها، لا تجب عليها الزكاة هي إنما يجب عليها إخراج الزكاة نيابة عن أصحاب الأسهم لهذا الشخص، ولا يطالب بها المساهمون في هذه الحالة، أما إذا لم يوجد هذا النص فلا تخرج الشركة الزكاة، إلا إذا صدر قرار من الجمعية العمومية؛ لأن هذا يعتبر تفويضاً منهم، أو إذا كان فيه قانون في الدولة يلزم الشركات بإخراج زكاة الأسهم.

أما القول بوجوب زكاة الأسهم على الشركات أصالة باعتبار أن الشركة لها شخصية اعتبارية مستقلة عن شخصية المساهمين، فإنه لا يكون مقبولاً إلا في دولة تطبق أحكام الشريعة الإسلامية، وتوجب نظمها أخذ الزكاة من أموال الشركات.

وفي رأيي أن الفتوى في أوضاعنا الحاضرة قد تؤدي إلى عدم إخراج زكاة الأسهم إذا أوجبناها على الشركة، ونحن نعلم أن كثيراً من الشركات أو أكثر الشركات لا تخرج الزكاة، ومعنى ذلك إنما سقطت عن المساهم؛ لأنه ليس مالكاً، فهذا غير مقبول في نظري على الأقل في أوضاعنا الحاضرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>