للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القضية الأساسية هي ما دام التكاليف منصباً على الشخص المسلم وهو المساهم وهو المخاطب أصالة كما قال زميلنا الأستاذ الدكتور الشيخ الضرير الحقيقة أن هذه الأصالة يجب أن لا نتخلى عنها، ولكن يجب أن نراعي مسألة الحول ولا نكلف المسلم ولا الشركة التي تنوب عن المساهمين بأن تدفع زكاة المساهمين، إلا إذا استمر الحول الزكوي طوال العام، وهذا ما تصوره الفقهاء في قضية زكاة الخليطين.

وأما ما أثير مما سمعته واستغربت سماعه، كأن بعض الإخوة لم يسمعوا بشيء اسمه الحكم الوضعي. الحكم التكليفي صحيح هو أساس الثواب والعقاب، والشركة شركة اعتيادية لا تدخل الجنة ولا النار. هذا كلام صحيح، لكن هذا الموضوع لا ينطبق على الحكم التكليفي. لا ينطبق عليه الحكم التكليفي، وإنما ينطبق عليه الحكم الوضعي وهو ربط الحكم بالسبب أو الشرط أو المانع أو الصحيح أو الفاسد، كما هو معلوم لدى الجميع. فالشركة عندما نكلفها ويكلفها المساهمون بأن تزكي عنهم، فهي أولاً إما من قبيل أنها وكيلة ومدير الشركة وكيل ونائب عن الشركة، وإما أنه لا يشترط التكليف أصالة في موضوع الزكاة. فزكاة مال الصبي تجب وإن لم يكن مكلفاً، وقالوا هذا من قبيل الحكم الوضعي وليس من قبيل الحكم التكليفي عند جمهور الفقهاء. طبعاً أما إذا كل شيء أردنا أن نخضع كل قراراتنا للخلافات لن نخرج إلى نتيجة ولكن يجب أن نراعي الأولويات.

أولاً الزكاة يجب كما نص فقهاؤنا أن نراعي فيها مصلحة الفقير ويجب علينا أن نختار من هذه الخلافات وهذه الآراء – وألا نكون دائماً مقيدين بها أن نختار- ما يحقق المصلحة العامة للمسلمين. فلا يشترط التكليف في الشركة حتى نطبق الحكم التكليفي، وإنما يجب أن نراعي مصلحة الفقراء ونقيس هذه الموضوعات. الآن الاتجاه العالمي إلى تجميع رؤوس الأموال الصغيرة من طريق الشركات المساهمة ومئات الملايين تقوم على أساس شركات. هل من المعقول أو هل يتصور مسلم أن نعفي هذه الشركات من أداء فريضة الزكاة؟ وحينئذ نقتل الفقراء، وخصوصاً إن كثيراً من المسلمين لا يزكون مع الأسف. الحقيقة من الممكن ونأخذ الأصلح لا تعصباً وإنما دائماً نفتي في الزكاة بما هو الأصلح للفقراء. فالشافعية نصوا في مذهبهم الجديد على أن الخلطة تؤثر في المواشي وغيرها، وهو مذهب المالكية والحنابلة أيضاً في المواشي عملاً بالحديث النبوي: ((لا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة)) ، ولأن السهم يعبر عن قيمة مالية أو مبلغ من المال فهو مال تجب فيه الزكاة فأثرت الخلطة في زكاة هذه الأسهم كالماشية، أو لأن المالين كالمال الواحد في المؤن (التكاليف) من مخزن وناطور وغيرهما، فهي أي غير المواشي من النقود والحبوب والثمار وعروض التجارة، كالمواشي فتخف المؤونة إذا كان المخزن والميزان والبائع واحداً. فحينئذ حتى زكاة الخلطة فيها تيسير على الناس وليس فيها تشدد. فالواجب أن نراعي ونأخذ بهذا الاتجاه مراعاة لمصلحة الفقراء.

<<  <  ج: ص:  >  >>