للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالمال الذي في أيدي الناس هو مال الله , وهم فيه خلفاء، ولهذا يقول سبحانه: {وَآَتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آَتَاكُمْ} (١) .

فالملك كله لله , وإن الحقوق كلها سنها العليم الخبير , فقد منح الفرد حقه كما منح الجماعة ما تستحقه من عناية واهتمام.

يقول الإمام المرحوم الشيخ محمود شلتوت في هذا المعنى: " وإذا كان المال مال الله , وكان الناس جميعًا عباد الله , وكانت الحياة التي يعملون فيها ويعمرونها بمال الله , هي لله , كان من الضروري أن يكون المال وإن ربط باسم شخص معين لجميع عباد الله , يحافظ عليه الجميع , وينتفع به الجميع. وقد أرشد إلى ذلك قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} (٢) .

ومن هنا أضاف الأموال إلى الجماعة , وجعلها قوامًا لمعيشهم {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} , (٣) {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا} (٤)

الإنسان مستخلف من الله في المال , ومأمور بأن يؤدي دور الخلافة عن الله في عمارة الأرض. وقد بين سبحانه لخليفته طرق تحصيله وإنفاقه على نحو يتفق والغاية من استخلافه في الأرض لعمارتها، وبهذا الاعتبار فإن الإنسان ممنوع من أن يلحق ضررًا بنفسه أو بغيره، وإن ثمة قيود مفروضة عليه لمصلحة الآخرين أفرادًا وجماعات , ويظهر أثر هذه القيود في منعه من استغلال غيره بسبب المال أو إهدار كرامته أو حبس المال عن التداول واكتنازه وعدم استخدام الفائض عن حاجته فيما يحقق مصلحة الجماعة. واستخلاف الله الإنسان في المال له صورتان:


(١) النور:٣٣
(٢) البقرة: ٢٩.
(٣) البقرة: ١٨٨
(٤) النساء: ٥

<<  <  ج: ص:  >  >>