للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد فصل الإمام السيوطي في كتابه الحاوي للفتاوى ج ١ /١٩٨- ٢٣٠، أحكام النوعين السابقين نظما ونثرًا , واستوفى النقل عن أئمة المذاهب الأربعة في جواز التملك. وأما أحكام النوع الأخير , فقد بسطت كتب الفقه مسائله وأحكامه , وأما أسبابه المفضية إليه فهي:

١ - الاستيلاء على المباح.

٢ - العقود الناقلة للملكية كالبيع والهبة ونحوهما.

٣ - الخلافة عن الميت عن طريق " الميراث " والوصية.

وهو إما أعيان عقار ومنقول , وإما منافع , وهي الفائدة المقصودة من الأعيان؛ كسكنى الدار وزراعة الأرض وركوب الدابة ولبس الثوب , وإما حقوق، سواء كانت حقوقًا متعلقة بمال؛ كحق الشرب والمرور والتعلي , أم لا , كحق حضانة الصغير.

أما لفظ الملكية:

فالملكية مصدر صناعي نسبة إلى الملك , ومعناه في اللغة كما جاء في اللسان والقاموس: عبارة عن احتواء الشيء والقدرة على الاستبداد به والتصرف فيه بانفراد. وبهذا المعنى أيضًا يرد الاستعمال الاصطلاحي للفقهاء , فقد عرفه القابسي الحنفي: بأنه عبارة عن الاختصاص الحاجز. وعرفه القرافي المالكي: بأنه حكم شرعي مقدر في العين أو المنفعة , يقتضي تمكين من يضاف إليه من انتفاعه بالمملوك والعوض عنه من حيث هو كذلك. وعرفه ابن تيمية: بأنه القدرة الشرعية على التصرف في الرقبة (١) .

والملكية في الإسلام حق تحميه الشريعة لصاحبه وتمكنه من الانتفاع بملكه والتصرف فيه طول حياته وبعد مماته ويحميه من كل اعتداء عليه , ولكن مع هذا يحمل المالك بعض التكاليف والالتزامات لمصلحة الجماعة , وهذا يؤكده القرآن الكريم بإسناد المال لله تعالى , وأن جميع ما في الكون ملك له سبحانه , قال تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} (٢) ويقول سبحانه: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} (٣) والمنطق يقتضي أن يكون خالق الشيء هو مالكه، وقد جاءت آيات تقطع وتؤكد هذه الحقيقة {وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا} (٤) ويقرر في آيات أخرى بأنه أنشأ الخلق من الأرض , واستعمرهم فيها , وجعلهم خلائف , وسخر لهم ما خلق في السماوات والأرض , وسلطهم عليه بقدر ما يستطيعون من استغلاله واستثماره {أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً} (٥) ويقول سبحانه: {آَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ} (٦) .


(١) الملكية في الشريعة الإسلامية:١ - ١٢٨، ١٣٣.
(٢) [البقرة:٢٩] .
(٣) [الأنعام:١٠٣] .
(٤) المائدة: ١٧.
(٥) لقمان:٢٠.
(٦) الحديد:٧

<<  <  ج: ص:  >  >>