للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويذكر رحمه الله مقاصد الشرع في الأموال , وأنها تدور على خمسة أمور: رواجها، ووضوحها، وحفظها، وثباتها، والعدول فيها (١) . ويذكر وسائل توفيرها ويكون بالتدبير والعمل والمادة (٢)

نزع الملكية للمنفعة العامة

تتردد لفظة المنفعة العامة , ويقصد منها ما ينتفع به جمهور كبير من الناس بدون تخصيص؛ كالطرق العامة , وسكك الحديد , والترع , والمدارس , ودور القضاء , ومباني الوزارات والمستشفيات , والساحات العامة , والأسواق , والقلاع , والحصون والمعسكرات , ونحوها. ولقد كانت المساجد في الإسلام في بادئ الأمر تقوم بمعظم المصالح التي أفرد لها مبنى خاص. يقول الإمام ابن تيمية: (وكانت مواضع الأئمة ومجامع الأمة هي المساجد، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أسس مسجده المبارك على التقوى؛ ففيه الصلاة والقراءة , والذكر وتعليم العلم والخطب , وفيه السياسة وعقد الألوية والرايات وتأمير الأمراء وتعريف العرفاء، وفيه يجتمع المسلمون عنده لما أهمهم من أمر دينهم ودنياهم.

وكذلك عماله في مثل مكة والطائف وبلاد اليمن وغير ذلك من الأمصار والقرى , وكذلك عماله في البوادي , فإن لهم مجمعًا , فيه يصلون , وفيه يسألون. وكان الخلفاء والأمراء يسكنون في بيوتهم كما يسكن سائر المسلمين في بيوتهم، لكن يجلس الإمام في الجامع، الجامع هو المسجد الجامع. . . إلى أن قال: أحدثت الملوك والأمراء القلاع والحصون , وإنما كانت تبنى الحصون والمعاقل قديمًا في الثغور , خشية أن يدهمها العدو , وليس عندهم من يدفعه عنها , وكانوا يسمون الثغور الشامية العواصم , وهي قنسرين، وحلب.

وأحدثت المدارس لأهل العلم , وأحدثت الربط والخوانق لأهل التعبد , وأول ما بنيت المدارس والرباطات للمساكين , ووقفت عليها وقوف تجرى على أهلها) (٣)

ولهذا كان من أول ما بدأ به النبي صلى الله عليه وسلم بعد هجرته إلى المدينة الاعتناء (٤) بالمرافق العامة , فأنشأ مسجده الشريف الذي كان يطلع بالمهمات التي سلف بيانها.


(١) مقاصد الشريعة الإسلامية: ١٧١، ١٧٥ – أصول الاجتماع الإسلامي:١٩٠، ١٩١.
(٢) أصول الاجتماع الإسلامي: ص ١٩٩.
(٣) مجموع فتاوى ابن تيمية:٣٥، ٣٩، ٤١.
(٤) فتح الباري:٨ / ٢٦٧. ٢٦٨ - شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام: ٢/ ٣٣١

<<  <  ج: ص:  >  >>