للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك إذا احتاج الناس إلى من يصنع لهم آلات الجهاد من سلاح وجسر للحروب وغير ذلك , فيستعمل بأجرة المثل , ويستطرد الإمام ابن تيمية في ذلك ويخصص لهذا المبحث صفحات يركز فيها على هذا الجانب مما يحتاجه المجتمع، ولا أرى مانعًا من متابعة الإمام وذكر بعض الأمثلة التي تبين مدى سعة أفق الأئمة والفقهاء وأخذ مصالح الناس بعين الاعتبار وإعطاء الاهتمام اللائق به , فيقول: فإذا كان الناس محتاجين إلى من يطحن لهم ومن يخبز لهم لعجزهم عن الطحن والخبز في البيوت , كما كان أهل المدينة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم , فإن لم يكن عندهم من يطحن ويخبز بكراء ولا حتى يبيع طحينًا ولا خبزًا , فإن ولي الأمر يتدخل هنا لإلزامهم بالعمل من ناحية , ولتحديد أجورهم أو السعر الذي ينبغي أن يلتزموا بمقتضاه (١) وهذه قاعدة تطرد في مسألة الواجب الكفائي وأنه قد ينقلب إلى فرض عين إذا تعين للمطالبة بالكفائي فرد أو أفراد معينون , وأنهم إذا لم يقوموا به طواعية , أجبروا عليه وألزموا به.

رابعًا: من المسوغات التي تعطي لولي الأمر الحق في التدخل , وذلك عند حلول الأزمات الاقتصادية التي يتضرر بها الناس , فلولي الأمر أن يمنع المحتكرين ويضرب على أيديهم ويلزمهم بالبيع وبالسعر المعقول الذي لا يدخل على الناس ضررًا (٢) كذلك مع الغش في الأسواق وجواز مصادرة المواد المغشوشة والتصدق بها على الفقراء جبرًا عنهم , وهو موضوع تكفلت كتب الحسبة ببيانه (٣)


(١) الحسبة في الإسلام، ص ٣٣، ٣٥، ٣٧.
(٢) الحسبة في الإسلام، ص ٣٧، ٤٤.
(٣) تحفة الناظر وغنية الذاكر لأبي العقباني التلمساني، ١١٨، ١٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>