للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدها: أن يطأ الكفار - والعياذ بالله - ديار الإسلام.

والثاني: لا يطؤوها , ولكنا نستشعر من جنود الإسلام اختلالا، ونتوقع انحلالا وانفلاتا، لو لم نصادف مالا، ثم يترتب على ذلك استجراء الكفار في الأقطار، وتشوفهم إلى وطء أطراف الديار.

والثالث: أن يكون جنود الإسلام في الثغور والمراصد على أهب وعتاد وشوكة واستعداد، لو وقفوا ولو ندبوا للغزو والجهاد , لاحتاجوا إلى ازدياد في الاستعداد، وفضل استمداد، ولو لم يمدوا , لانقطعوا عن الجهاد (١)

وينتهي إلى القول في الاحتمالات الثلاثة إلى أنه يتسبب في اقتراض الأموال من الموسرين (٢) ولا يتفق مع من يقول: إن الإمام يقترض على بيت المال , ويقول في هذا: والمرتضى عندي , فإن للإمام أن يأخذ من الجهات التي ذكرناها ما يراه سادا للحاجة , ولا يلزمه الاستقراض , سواء فرض أخذه من معينين أو من الموسرين أجمعين (٣) ومن الفتاوى في هذا الشأن ما أفتى به القاضي أبو عمر بن منظور في جواز فرض الخراج على الرعية , بأن الأصل أن لا يطالب المسلمون بمغارم غير واجبة بالشرع. . . فإذا عجز بيت المال عن أرزاق الجند وما يحتاج إليه من آلة حرب وعدة فيوزع على الناس ما يحتاج إليه من ذلك بشروط: أن تتعين الحاجة , وأن يتصرف فيه بالعدل , وأن يصرف مصرفه بحسب المصلحة , وأن يكون على القادر من غير ضرر ولا إجحاف , وأن يتفقد في كل وقت , فربما جاء وقت لا يفتقر فيه لزيادة على ما في بيت المال (٤)

ثالثًا: من مسوغات تدخل ولي الأمر إذا اقتضت الظروف ذلك وإلزام من يتعين عليهم القيام بأمر يحتاجه المجتمع ولا يتم إلا عن طريق إلزامهم القيام به , ويضرب الإمام ابن تيمية لذلك أمثلة كثيرة , منها: إذا كان الناس محتاجين إلى فلاحة قوم أو نساجتهم أو بنائهم , صار هذا العمل واجبًا , يجبرهم ولي الأمر عليه إذا امتنعوا عنه بعوض المثل، وكما إذا احتاج الجند المرصدون للجهاد إلى فلاحة أرضهم , ألزم من صناعته الفلاحة بأن يضيفها لهم (٥)


(١) غياث الأمم: ص ١٨٩، ١٩٠.
(٢) غياث الأمم ١٩١ - ٢٠٠.
(٣) غياث الأمم: ص ٢٠٢.
(٤) المعيار: ١١ - ١٢٨.
(٥) الحسبة في الإسلام. ص ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>