للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأحوال التي ينتزع فيها الملك من غير رضا صاحبه ترجع إلى ثلاث:

نزع الملك لمنافع الكافة , كنزع الملك للطرق العامة , أو شق الترع، وقد اعتبر بعض الفقهاء من المنافع العامة توسيع المساجد , حتى لا تضيق بالناس. ثم نقل ما سبق عن حاشية أبي السعود على ملا مسكين عن الزيلعي , وأحال إلى كتاب الشيخ أحمد إبراهيم , ثم قال: والأصل في هذا ترجيح منفعة الكافة على منفعة الآحاد , ولأنه لا يترتب على الأخذ من المالك كبير ضرر به؛ لأنه يعوض بالقيمة , والقيمة تقدر بمعرفة أهل الخبرة العدول.

ثالثًا: وممن قال بذلك أيضًا الشيخ علي الخفيف في بحث له منشور في مجلة الأزهر الشريف (١) والشيخ محمد عرفة عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر (٢) ومما قاله الشيخ الخفيف في بحثه المنشور في مجلة الأزهر عدد صفر سنة ١٣٨٤ هـ: "ويجب أن يلاحظ مع هذا أن عدوان إحدى الملكيتين على الأخرى محظور , فلا يجوز أن يتملك الفرد ما كان ملكًا للجماعة مخصصا للمنافع العامة , إلا إذا خرج عن ذلك بالاستغناء عنه , فعند ذلك يجوز تملكه بعوضه , على أن يقوم بهذه المبادلة ولي الأمر متحريا ألا يكون فيه غبن , كما لا يجوز لولي الأمر أن يعتدي على ملك فرد من الأفراد , فليس له أن يجعله في منفعة عامة مملوكًا لجماعة المسلمين , إلا إذا تطلبت مصلحة المسلمين ذلك , فيأخذه الإمام عن رضا أو عن قهر ببدله دون غنى على صاحبه؛ وذلك لأن المصلحة العامة مقدمة على المصلحة الخاصة. وذلك ما حدث في توسعة المسجد الحرام حين ضاق على الناس في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه , فقد كانت دور الناس محدقة به من كل جانب , عدا فتحات يدخل منها الناس إليه , فاشترى عمر دورًا منها , وأبى عليه أصحاب الدور الأخرى , فأخذها منهم قسرًا , ووضع قيمتها بخزانة الكعبة , وأدخل الجميع المسجد.


(١) مجلة الأزهر عدد صفر ١٣٨٤ هـ.
(٢) مجلة الأزهر عدد صفر سنة ١٣٧٢ هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>