للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خطورة البحث في هذا الموضوع:

وأما خطورة البحث في هذا الموضوع، فتتجلى في بعض الأنظمة الأرضية الإلحادية، التي نرى بعض أفرادها {يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (١)

فقد حاول بعضهم أن يبرر مسلك بعض الظلمة من ذوي السلطات في تأميم بعض الملكيات الخاصة عن طريق أن المال مال الله. وهي كلمة حق أريد بها باطل في هذا الخصوص.

ذلك أنه مما لا شك فيه أن الملك الحقيقي في كل شيء إنما هو لله رب العالمين , فهو سبحانه مالك الملك بما فيه ومن فيه. ولكنه جل شأنه هو الذي أعطى لعباده حق الملكية , وأثبته لهم , فلا يحق - إذن - لأي سلطة مهما كانت أن تمس هذا الحق (٢) الذي أثبته الله لعباده بحجة أن المال مال الله.

بل إن الله سبحانه هو الذي تشدد في حقوق عباده تشددًا كبيرًا على الرغم من أنه تعالى هو الذي تسامح في بعض حقوقه لدرجة أن التوبة تمحو كل ذنب يتعلق بحقوق الله، أما بالنسبة لحقوق العباد فالتوبة وحدها قد لا تكفي، إذ لا بد من رد المظالم حتى يمكن القول بأنها توبة صادقة (٣)

ومن هنا كانت خطورة البحث في هذا الموضوع، فلا يصح التعلل بأن المال مال الله للافتئات على حقوق العباد وتأميم أموالهم التي يملكونها بحكم الشرع.


(١) آل عمران: ٧٨.
(٢) إلا في الحدود المشروعة.
(٣) على خلاف في الرأي بين العلماء: هل رد المظالم شرط في التوبة أو أنه مظهر للتوبة الصادقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>