للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن الذي خلق الموت والحياة هو خالق للمال ولكل شيء، وكما قال سبحانه:

{قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ} (١)

فهي إذن براهين عقلية يسوقها رب العالمين لقوم يعقلون.

الله منح عباده حق الملكية لأجل مسمى:

وقد خلق الله تعالى كل شيء لعباده. سخره لهم، ووهبه إياهم. قال تعالى:

{وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ} (٢) وقال جل شأنه: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ} (٣)

وقد حرم الله تعالى المساس بهذه الملكية الثابتة شرعًا للأفراد تحريمًا مؤبدًا حتى تقوم الساعة. وذلك بنص الكتاب والسنة والإجماع.

أما الكتاب فقوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} (٤) وقوله جل شأنه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} (٥)

والخطاب في الآيتين يتضمن جميع أمة محمد صلى الله عليه وسلم. والمعنى: لا يأكل بعضكم مال بعض بغير حق (٦) فيدخل في هذا القمار والخداع والغصوب وجحد الحقوق وما لا تطيب به نفس مالكه أو حرمته الشريعة وإن طابت به نفسه (٧)


(١) سورة يونس الآية رقم "٣١".
(٢) سورة الجاثية: رقم "١٢".
(٣) سورة يس الآية رقم " ٧١ ".
(٤) سورة البقرة من الآية رقم " ١٨٨". وقد نزلت هذه الآية في عبد الله بن الأشوح الحضرمي، أدى مالا على امرئ القيس الكندي، واختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأنكر امرؤ القيس، وأراد أن يحلف , فنزلت , فكف عن اليمين (تفسير القرطبي ص ٧١٣ طبعة الشعب) .
(٥) سورة النساء: الآية رقم " ٢٩ ".
(٦) أحكام القرآن لابن العربي جـ١ ص ٩٧ طبعة دار المعرفة بيروت. ومعنى في قوله تعالى: {بالباطل} أي: بما لا يحل شرعا , ولا يفيد مقصودًا.
(٧) القرطبي، ص ٧١٣، وابن العربي، جـ١، ص ٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>