للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما السنة. فقد بين لنا النبي صلى الله عليه وسلم بيانًا شافيًا، في الحديث الصحيح الذي بلغ حد التواتر وهو قوله عليه الصلاة والسلام: ((إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم)) .

وقد أجمعت الأمة في كل عصورها على هذا الحكم الشرعي.

تحمل أخف الضررين تجنبًا لأشدهما:

أما قاعدة: تحمل أخف الضررين تجنبًا لأشدهما، فهي قاعدة شرعية مجمع عليها , إذ لا ريب أنه إذا اجتمع ضرران أحدهما أخف من الآخر، وكان لا بد من تحمل أحدهما , فإنه يجب تحمل الضرر الأخف دفعًا للضرر الأشد , وهو مما لا يخفى على عاقل، حتى قبل ورود الشرع، بل إن ذلك مركوز في طبائع العباد (١) بحكم الفطرة. ولذلك يقول علماء القواعد: إذا اجتمعت المفاسد المحضة، فإن أمكن درؤها , درأنا. وإن تعذر درء الجميع , درأنا الأفسد فالأفسد، والأرذل فالأرذل (٢)

ولهذه القاعدة تطبيقات كثيرة جدا تكلم عنها الفقهاء في كتب الفروع بالتفصيل الوافي.


(١) قواعد الأحكام في مصالح الأنام للإمام عز الدين بن عبد السلام، جـ١، ص ٧ طبعة سنة ١٣٨٨ هـ وأول عبارته في هذا الموضع: "واعلم أن تقديم الصالح فالأصلح ودرء الفاسد فالأفسد مركوز في طبائع العباد، نظرًا لهم من رب الأرباب. فلو خيرت الصبي الصغير بين اللذيذ والألذ لاختار الألذ , ولو خير بين الحسن والأحسن , لاختار الأحسن. ولو خير بين فلس ودرهم , لاختار الدرهم، ولو خير بين درهم ودينار , لاختار الدينار. ولا يقدم الصالح على الأصلح إلا جاهل بفضل الأصلح، أو متجاهل لا ينظر إلى ما بين المرتبتين من التفاوت ".
(٢) قواعد الأحكام في مصالح الأنام للإمام عز الدين بن عبد السلام، جـ١، ص ٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>