الأصل في إباحة انتزاع الملكية للمنفعة العامة بضوابطها الشرعية هو عمل الصحابة رضوان الله عليهم. وبيان ذلك أنه:" لما استخلف عمر رضي الله عنه , وكثر الناس , وسع المسجد، واشترى دورًا هدمها وزادها فيه , وهدم على قوم من جيران المسجد أبوا أن يبيعوا، ووضع لهم الأثمان حتى أخذوها بعد ذلك , واتخذ للمسجد جدارًا قصيرًا دون القامة , وكانت المصابيح توضع عليه , فلما استخلف عثمان رضي الله عنه , ابتاع منازل , فوسع بها المسجد , وأخذ منازل أقوام , ووضع لهم أثمانها , فضجوا منه عند البيت , فقال: إنما جرأكم علي حلمي عنكم , فقد فعل بكم عمر رضي الله عنه هذا , فأقررتم ورضيتم. وبنى للمسجد الأروقة حين وسعه "(١)
وقد استشهد فقهاء الشريعة على هذا الحكم السابق بعمل، الصحابة رضوان الله عليهم. والاستدلال بعمل الصحابة إنما هو استدلال بالسنة والإجماع اللذين أوجب الله العمل بهما بنص كتابه العزيز. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ)) .
وهذا الحكم قام به خليفتان جليلان؛ عمر وعثمان رضي الله عنهما، وهذا العمل من كل منهما على فترات متباعدة بمرأى ومسمع من الصحابة الكرام , هو إجماع منهم رضوان الله عليهم واجب الاتباع دون شك.
(١) الأحكام السلطانية للماوردي، ص ١٦٢ طبعة دار الكتب العلمية ببيروت.