للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيما يلي أسوق عبارة ابن عابدين الفقيه الحنفي في هذا الموضوع , حيث يقول: "ولو ضاق المسجد وبجنبه أرض وقف أو حانوت جاز أن يؤخذ ويدخل فيه. زاد في البحر عن الخانية: بأمر القاضي (١) بالقيمة كرها لما روي عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم أنه لما ضاق المسجد الحرام أخذوا أرضين بكره من أصحابها بالقيمة وزادوا في المسجد الحرام. ولعل الأخذ كرهًا ليس في كل مسجد ضاق، بل الظاهر أن يختص إذا لم يكن في البلد مسجد آخر، إذ لو كان فيه مسجد آخر يمكن دفع الضرورة بالذهاب إليه. نعم فيه حرج , لكن الأخذ كرها أشد حرجًا منه. ويؤيد ذكرنا فعل الصحابة , إذ لا مسجد في مكة سوى المسجد الحرام (٢)

وبنفس الحكم قال المالكية (٣) والشافعية (٤) والحنابلة (٥) .


(١) وإني لأسجد لله تعالى شاكرًا. حيث وجدت هذه الجملة القصيرة التي أراحت ضميري , فقد سبق لي أن تعرضت بإيجاز لهذا الموضوع في كتابي (مبادئ الفقه الإسلامي) . وظهر لي حينذاك ضرورة اشتراط عرض الأمر على القضاء لما رأيته من الافتئات على بعض حقوق العباد من غير ضمان , فرأيت أن هذا الشرط يحد من التجاوزات , فلما قرأت هذه العبارة , حمدت الله على واسع فضله.
(٢) حاشية ابن عابدين المسماة رد المحتار على الدر المختار جـ٤، ص ٣٧٩ طبعة سنة ١٣٨٦ هـ.
(٣) فقد جاء في مواهب الجليل شرح مختصر خليل للعلامة الحطاب رحمه الله: "يجبر ذو أرض طريقا هدمها نهر، لا ممر للناس إلا فيها، على بيع طريق لهم فيها بثمن يدفعه الإمام من بيت المال " (جـ٤، ص ٢٥٣ طبعة سنة ١٣٢٩ هـ مطبعة السعادة) .
(٤) مختصر المزني هامش كتاب الأم للإمام الشافعي، جـ٢، ص ٢٠٩ طبعة سنة ١٣٨٦ هـ، حيث جاء في هذا الموضع: "إن الناس مسلطون على أموالهم , ليس لأحد أن يأخذها أو شيئًا منها بغير طيب أنفسهم , إلا في المواضع التي تلزمهم ".
(٥) فقد أورد العلامة ابن القيم رحمه الله عبارة مفادها أن الناس مسلطون على أموالهم , ليس لأحد أن يأخذها أو شيئًا منها بغير طيب من أنفسهم , إلا في المواضع التي تلزمهم، الطرق الحكمية، ص ٢٣٨ - ٢٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>