ولهذا فقد كان التعليق من بعض الفقهاء تعليقًا في غاية التوفيق حين قال رحمه الله: "ولعل الأخذ كرهًا ليس في كل مسجد ضاق، بل الظاهر أن يختص بما إذا لم يكن في البلد مسجد آخر، إذ لو كان فيه مسجد آخر لأمكن دفع الضرورة بالذهاب إليه. نعم فيه حرج , لكن الأخذ كرهًا أشد حرجًا منه , ويؤيد ما ذكرنا فعل الصحابة , إذ لا مسجد في مكة سوى المسجد الحرام (١)
والحكم واحد في نظري، والله أعلم، فيما لو تمكن إنشاء مسجد آخر في مكان آخر من البلدة أو القرية وهو يدفع ضرورة التوسع دون حاجة إلى ظلم بعض الأفراد , فالله غني عن العالمين، ولا يتصور أن تتقرب السلطة إلى الله رب العالمين بتوسعة مسجد عادي على حساب عباد الله.
نعم يمكننا أن نضرب مثلًا بالكلية التي تضيق بطلابها فتحتاج إلى مدرج أو إلى معمل آخر بجانب المعمل الأصلي نزولًا على ضرورات التقدم العلمي وليس هنالك مجال إلا إلى الأرض المجاورة المملوكة لأحد الأفراد، حيث لا يمكن نقل الكلية، كما لا يتصور أن تكون الكلية في طرف المدينة وأحد مدرجاتها أو معاملها في الطرف الآخر، في مثل هذه الظروف تكون الإدارة مضطرة إلى توسعة الكلية ولو على حساب مالك الأرض المجاورة الذي له حقه الكامل في التعويض العادل، الذي ينبغي أن يتولى القضاء تقديره على نحو ما نبينه في الفقرة التالية:
(١) من عبارة ابن عابدين المشار إليها في هامش (١) ص ١١ من هذا البحث.