للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الشافعي: (لا يزول ملك المالك إلا أن يشاء، ولا يملك رجل شيئًا إلا أن يشاء إلا في الميراث. . قال الله عز وجل: {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} (١) وقال: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} (٢) فلم أعلم أحدًا من المسلمين خالف في أنه لا يكون عل أحد أن يملك شيئًا إلا أن يشاء أن يملكه إلا الميراث، فإن الله عز وجل نقل ملك الأحياء إذا ماتوا إلى من ورثهم إياه شاؤوا أو أبوا ألا ترى أن الرجل لو أوصي له، أو وهب له أو تصدق عليه، أو ملك شيئًا لم يكن عليه أن يملكه إلا أن يشاء.

(ولم أعلم أحدًا من المسلمين اختلفوا في أن لا يخرج ملك المالك المسلم من يديه إلا بإخراجه إياه هو نفسه، ببيع أو هبة أو غير ذلك، أو عتق أو دين في ذمة , فيباع في ماله، وكل هذا فعله , لا فعل غيره) (٣)

ويقول صاحب إكليل الكرامة: "وسأضرب لك ههنا مثلًا يزيدك فائدة ويوضح لك ما ذكرناه، وهو أن رجلًا لو كان له مال كثير، وقد أخرج زكاته الواجبة عليه، وفعل ما يجب عليه، فقال من له سلطان: لا عذر لهذا الرجل الغني الكثير المال من إخراج بعض ماله يصرف في فقراء المسلمين، وفي محاويج العباد. . مستدلا على ذلك بما تقدم من الآيات التي ذكر فيها الأمر بالإنفاق، والترغيب فيه، قائلًا: هذا الإنفاق من جملة ما يدخل تحت هذه الآيات، وتصدق عليه (٤) ثم تسأل: هل هذا الذي فعله وأمر به صواب أم خطأ وظلم وتصرف في مال غيره بما لم يأذن الله به؟ ثم قرر إجابة على هذا السؤال أن تصويب فعله مخالفة لإجماع المسلمين وتجويز لما لم يجوزه أحد من سلف هذه الأمة وخلفها.

وواضح أن في هذا الكلام ردا على ما أخذنا نسمعه في هذه الأيام من تبرير لنزع أموال الناس بدون حق أنها ستنفق في مصالح الأمة، مع أنه ليس في هذا التصرف إلا الإضرار بالناس، وضياع أموالهم وحقوقهم وفساد أحوالهم العامة والخاصة.


(١) النساء: ٢٩.
(٢) البقرة: ٢٧٥
(٣) الأم: جـ٣ ص ٢١٨ - ٢١٩.
(٤) إكليل الكرامة: ص ١١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>