للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(قلنا: والمظنون بعمر رضي الله عنه أنه لم يبدع العقاب بأخذ المال على خلاف المألوف من الشرع، وإنما ذلك لعلمه باختلاط ماله بالأموال المستفادة من الولاية , فلعله خمن الأمر فرأى شطر ماله من فوائد الولاية وثمراتها، فيكون ذلك كالاسترجاع للحق بالرد إلى نصابه , فأما أخذ المال المستخلص للرجل عقابًا على جناية , شرع الشرع فيها عقوبات سوى أخذ المال , فهو مصلحة غريبة لا تلائم قواعد الشرع , وقد ذهب إلى تجويز ذلك ذاهبون، ولا وجه له) (١)

ثم إن العلماء قد بينوا أن مصادرة الأموال، وتقييد حرية الناس في الاكتساب والتحصيل يقتل روح العمل، ويؤدي إلى تكاسل الناس، وعدم انطلاقهم إلى الإبداع والإنتاج، ومن ثم تأخر المجتمع، واختلال أحواله، وفساد أوضاعه , وقد عقد ابن خلدون في مقدمته فصلًا في أن الظلم مؤذن بخراب العمران، أوضح فيه خطورة التعدي على أموال الناس، وآثاره على الأفراد والجماعات، بتحليل رائع وبيان مشرق , فليراجع هناك.

ثانيًا: أجازت الشريعة الإسلامية نزع الملكية الفردية من صاحبها في صور متعددة عندما تدعو الضرورة إليه، وذاك إما مراعاة لمصلحة فردية أخرى أولى بالاعتبار من مصلحة المالك، وإما مراعاة لمصلحة عامة (٢)

أولًا: الصور التي أجازت الشريعة فيها نزع الملكية مراعاة لمصلحة فردية أخرى أولى بالاعتبار من مصلحة المالك


(١) انظر شفاء الغليل: ص ٣٤٣ - ٣٤٥ وانظر مباحث التعليل - الكبيسي: ص ١٣٣.
(٢) أحكام المعاملات الشرعية - الشيخ علي الخفيف: ص ١٠٦ - ١٠٩، المعاملات الشرعية المالية، أحمد إبراهيم: ص ٧٢ - ٧٣، الملكية ونظرية العقد - أبو زهرة، ص ١٤٣ - ١٤٥ الاتجاه الجماعي في التشريع الاقتصادي الإسلامي، د. النبهان ص ١٨٧ - ١٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>