للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد تستغرق الديون أموال المدين وتحيط به، ويصبح الدائنون مهددين بضياع ديونهم إذا قام المدين بالتصرف في أمواله تصرفًا يضر بهم , فهل يجب على الحاكم الحجر عليه ومنعه من التصرف إذا طلب الدائنون ذلك حفظًا لديونهم؟ وهل له أن يبيع أمواله إذا امتنع عن بيعها ليسدد ديونه ويقسمها بين غرمائه بالحصص؟ اختلف الفقهاء في ذلك (١)

١- فذهب جمهور الفقهاء (المالكية، والشافعية، والحنبلية، وأبو يوسف ومحمد من الحنفية) إلى وجوب ذلك على الحاكم إذا كانت الديون مستغرقة لأموال المدين، وطلب غرماؤه الحجر عليه. وأما بيع أموال المدين الممتنع عن السداد، فللحاكم ذلك، سواء أكانت الديون مستغرقة لأموال المدين، أم لم تكن مستغرقة لها.

٢ - وذهب أبو حنيفة إلى أنه لا يحجر على المدين بحال، كما أنه لا يجوز أن يبيع الحاكم أمواله عليه لوفاء ديونه، بل يحبسه حتى يقضي ديونه , فلا يجوز عنده بيع المال على حر رشيد. ولست هنا بصدد الحديث عن تفصيلات الحجر على المدين، إنما يهمني الإشارة إلى نقطتين:

الأولى: أن الشريعة أجازت الحجر على المدين لمنعه من التصرف في أمواله حفظًا لحق دائنيه , وعلى خلاف بين الفقهاء.

الثانية: أن الشريعة أجازت نزع مال المدين، وبيعه عليه لسداد ديونه على خلاف بين الفقهاء (٢) هذا وقد استدل أبو حنيفة لما ذهب إليه بعدد من الأدلة منها:


(١) انظر في مراجع ذلك ومصادره الملكية في الشريعة الإسلامية جـ٢ ص ١٧٣.
(٢) المذاهب الفقهية والقوانين الوضعية متفقة على وجوب ترك قدر معين من المال للمدين لتستمر به حياته على خلاف بينها في مقداره، انظر المقارنات والمقابلات: ص ٨١ - ٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>