للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويزول عنه ضرر الشركة، ولا يتضرر البائع، لأنه يصل إلى حقه من الثمن، وكان هذا أعظم العدل، وأحسن الأحكام المطابقة للعقول والفطر ومصالح العباد. ومن هنا يعلم أن التحيل لإسقاط الشفعة مناقض لهذا المعنى الذي قصده الشارع ومضاد له) (١)

قال في مكان آخر: (قال المنبثق للشفعة: إنما كان الأصل عدم انتزاع ملك الإنسان منه إلا برضاه , لما فيه من الظلم له والإضرار به. فأما ما لا يتضمن ظلما ولا إضرارًا، بل مصلحة له بإعطائه الثمن، فلشريكه دفع ضرر الشركة عنه. . فليس الأصل عدمه، بل هو مقتضى أصول الشريعة، فإن أصول الشريعة توجب المعاوضة للحاجة والمصلحة الراجحة، وإن لم يرض صاحب المال. وترك معاوضته هنا لشريكه مع كونه قاصدا للبيع ظلم منه وإضرار بشريكه، فلا يمكنه الشارع منه , بل من تأمل مصادر الشريعة ومواردها تبين له أن الشارع لا يمكن هذا الشريك من نقل نصيبه إلى غير شريكه، وأن يلحق به الضرر مثل ما كان عليه، أو أزيد منه، مع أنه لا مصلحه له في ذلك (٢)

ويقول الأستاذ الشيخ إبراهيم الشهاوي: (فحرية الحصول على الأموال والتعاقد عليه ليست مطلقة، بل هي مقيدة بقيود تمنع الضرر بالغير، لقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا ضرر ولا ضرار)) . على أنه لا ضرر في الأخذ بالشفعة على الأجنبي؛ لأنه سيحصل على ما دفعه ثمنًا لما اشتراه , وكل ما في الأمر أن الصفقة أخذت منه، فحاله بعد أخذ الصفقة هوحاله قبل أخذها.

(ولو سلمنا أن في أخذها منه ضررًا، فإن ضرر الشفيع أعظم بالتضييق عليه والظهور على عوراته , ورفع أعظم الضررين واجب، ولذلك جاءت الأحاديث متضافرة على ثبوت الشفعة، وأنها حق للشريك أو الجار إذا طلبها , فكانت مخصصة للعموم في حديث: ((لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب من نفسه)) (٣) وهكذا يظهر أن الشفعة قيد يحد من حرية المالك في نقل أمواله عنه قررته الشريعة , لما يترتب عليه من مصالح معتبرة، وفي ذلك توضيح؛ لأن أصول الشريعة توجب المعاوضة للحاجة أو المصلحة الراجحة، وإن لم يرض صاحب المال. كما ذكر ابن القيم في قوله السابق.

ب - الحجر على المدين وبيع أمواله جبرًا عنه وفاء لديونه:


(١) إعلام الموقعين: جـ٢ ص ١٢٠.
(٢) إعلام الموقعين: ج١ ص ١٢٣.
(٣) المذاهب الفقهية والشفعة: في الرهن ص ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>