للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخلاصة:

أننا لا نجد هنا ما يمنع من إقامة هذا النوع من "بنوك الحليب"، مادام يحقق مصلحة شرعية معتبرة، ويدفع حاجة يجب دفعها، آخذين بقول من ذكرنا من الفقهاء، مؤيدًا بما ذكرنا من أدلة وترجيحات.

وقد يقول بعض الناس: ولماذا لا نأخذ بالأحوط، ونخرج عن الخلاف، والأخذ بالأحوط هو الأورع والأبعد عن الشبهات.

وأقول:

عندما يعمل المرء في خاصة نفسه، فلا بأس أن يأخذ بالأحوط والأورع، بل قد يرتقي فيدع ما لا بأس حذرًا مما به بأس.

ولكن عندما يتعلق الأمر بالعموم، وبمصلحة اجتماعية معتبرة، فالأولى بأهل الفتوى أن ييسروا ولا يعسروا، دون تجاوز للنصوص المحكمة، أو القواعد الثابتة.

ولهذا جعل الفقهاء من موجبات التخفيف: عموم البلوى بالشيء مراعاة لحال الناس ورفقًا بهم، هذا بالإضافة إلى أن عصرنا الحاضر خاصة أحوج ما يكون إلى التيسير والرفق بأهله.

على أن مما ينبغي التنبيه عليه هنا هو أن الاتجاه في كل أمر إلى الأخذ بالأحوط دون الأيسر أو الأوفق أو الأعدل، قد ينتهي بنا إلى جعل أحكام الدين مجموعة "أحوطيات" تجافي روح اليسر والسماحة التي قام عليها هذا الدين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بعثت بحنيفية سمحة)) ، ((إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين)) ، والمنهج الذي نختاره في هذه الأمور هو التوسط والاعتدال بين الملتزمين والمتهاونين {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} .

والله يقول الحق وهو يهدي السبيل

<<  <  ج: ص:  >  >>