للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستطرد ابن حزم وأفاض ورد على الجمهور في احتجاجهم بقوله صلى الله عليه وسلم: ((إنما الرضاعة من المجاعة)) .

وخلاصة هذا الكلام أن المذاهب الأربعة وهي الشافعية والمالكية والحنابلة والحنفية يرون أن تناول خمس رضعات (وهناك خلاف في العدد) مشبعات توجب التحريم بين المرضعة والرضيع ويحرم بالتالي جميع ما يحرم بالنسب لقوله صلى الله عليه وسلم: ((يحرم بالرضاع ما يحرم من النسب)) ، ولا فرق في ثبوت التحريم بالرضاع بين أن يرتضع الطفل من الثدي مباشرة أو أن يشرب لبن المرأة من الزجاجة بعد حلبه، حتى لو صار لبن المرأة جبنا أو مخيضًا فإنه يثبت به التحريم عند الشافعية والحنابلة وقال أبو حنيفة: إذا صار جبنًا أو مخيضًا لا يثبت به التحريم لزوال الاسم (١) وهذا كله في لبن المرأة، أما لبن البهيمة فلا يتعلق به تحريم كما يقول السيد عمر حامد الجيلالي في جوابه عن بنوك الحليب (٢)

وقد شذ عن هذا الرأي الظاهرية وعلى رأسهم ابن حزم والليث بن سعد كما تقدم، وأما من المحدثين فقد مال الشيخ يوسف القرضاوي في بحثه الطويل عن بنوك الحليب المقدم إلى ندوة الإنجاب بالكويت إلى رأي الظاهرية، وهو أن الرضاعة تستلزم شقين تناول اللبن وتناول الثدي.

ولم يوافق الشيخ يوسف القرضاوي الظاهرية في أن الرضاعة من الكبير توجب التحريم، ومال إلى رأي الجمهور بأن هذا كان خاصًا بسالم مولى أبي حذيفة، فقد كان سالم متبني لأبي حذيفة قبل أن يحرم الإسلام التبني، فلما حرم الإسلام التبني شق على أبي حذيفة وزوجته ذلك فقد كانا يعبتران سالمًا ابنهما ولم يكن لهما إلا بيت واحد حينئذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزوجة أبي حذيفة: ((أرضعيه تحرمي عليه)) ، أخرجه مسلم وأبو داود وتفاصيل القصة رواها الإمام مالك في الموطأ وعبد الرزاق في مسنده (٣)


(١) ابن قدامة: المغني ج ٧ / ٥٣٩
(٢) أجوبة على أسئلة مقدمة من قسم الطب الإسلامي
(٣) كنز العمال ج ٦/ ٢٨٥

<<  <  ج: ص:  >  >>