بسم الله الرحمن الرحيم، صلى الله على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، عندنا في الجدول بنوك الحليب وأرجو من فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي أن يتفضل بملخص هذا الموضوع، وشكرًا.
الشيخ يوسف القرضاوي:
بسم الله الرحمن الرحيم، ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدًا، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا، سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم.
موضوع بنوك الحليب وهو موضوع البحث الذي بين أيديكم كان جوابًا عن سؤال أو استفسار من المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية بدولة الكويت، والسؤال كان من بعض الإخوة الأطباء المعنيين بهذه الأمور منهم الأخ الدكتور حسان حتحوت، وهم يثيرون مشكلة: هي أن هناك بعض الأطفال الذين قد يولد أحدهم خداجًا ناقصًا ويحتاج إلى أن يمكث في المستشفى عدة أشهر ويحتاج إلى حليب يرتضعه، وكذلك بعض الأطفال الذين تموت أمهاتهم في الولادة فهؤلاء يحتاجون إلى غذاء أفضل من اللبن أو الحليب الطبيعي الذي أجراه الله تعالى في صدور الأمهات غذاء للأطفال، وكان السؤال يتوجه ما الحكم في إنشاء بنوك لهذا اللبن أو لهذا الحليب المختلط لتغذية مثل هؤلاء الأطفال في مثل هذه الأحوال؟ طبعًا موضوع بنك يجمع اللبن، تبرع المرأة باللبن هذا أمر جائز هي مأجورة من الله ومشكورة من الناس، إذا تبرعت بلبنها لغذاء الطفل، وتجميع هذا بشروطه الصحية هذا أيضًا لا شيء فيه، فما جاء المحذور ولماذا كان السؤال؟
السؤال لأن عندنا نحن المسلمين مسالة التحريم بالرضاع، فقد يترتب على ذلك أن يأتي هذا الطفل ويتزوج من بنت امرأة من هذه النسوة اللاتي تبرعن بلبنها لهذا البنك، أو يتزوج من بنت رضعت من هذا البنك أو نحو ذلك، فما الحكم في هذه الناحية؟ أنا حقيقة نظرت في هذا الأمر على طريقة ما سميته بالأمس " الاجتهاد الجزئي الانتقائي" فنحن نقول إن الاجتهاد الجزئي أمر سهل ومقدور عليه وخاصة إذا كان اجتهادًا انتقائيًا حتى ولو كان في المسائل الجديدة، ونعني بانتهاج الاجتهاد الانتقائي، النظر في الفقه الموروث عن أئمتنا ومذاهبنا المختلفة وسواء كان هذا الفقه للمذاهب المتبوعة أو غير المتبوعة لأنه ربما كان هذا فقهًا لأحد الصحابة أو أحد التابعين ممن ليس لهم مذهب مدون، هذا الفقه غني وسخي وينبغي أن يستفاد منه إذا أردنا الاجتهاد لعصرنا، ولا يمكن أن يقف الاجتهاد على ما دون في المذاهب المعتبرة والمتبوعة، وعند النظر في فقهنا وجدت أن هناك اعتبارين أساسيين في هذه القضية: