للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاعتبار الأول: هو تحديد ما هي الرضاعة، هل الرضاعة مجرد وصول اللبن إلى الجوف أم الرضاعة الامتصاص، امتصاص اللبن بالتقام الثدي، الجمهور على الأول، هذا هو الرأي الذي تعلمناه منذ أن كنا طلبة وهو الرأي السائد والمعروف، فالرأي السائد والمعروف هو: أن الرضاع ما وصل إلى الجوف ولو عن طريق الصب في الحلق أو السعوط في الأنف أو أي طريقة كانت، هذا هو الرأي المعروف، وهناك رأي آخر، هذا الرأي الآخر هو رأي الإمام الليث بن سعد وهو أحد الأئمة المعروفين وكان يقارن بالإمام مالك وهو رأي رواية عن الإمام أحمد كذلك وهو مذهب الظاهرية، مذهب داود وأصحابه إلى ابن حزم، وقد أيد ابن حزم هذا الرأي أن الرضاعة لغة هي التقام الثدي وامتصاصه، وقد لا يعرف في اللغة رضع من الإنسان أو الحيوان إلا التقام الثدي وامتصاصه، وأيد هذا تأييدًا قويًا، وعلى هذا الأساس أنا في الحقيقة تبين لي رجحان هذا المذهب وإن لم يكن هو المذهب السائد في الأئمة الأربعة، فقد يرجح الناظر في الفقه الإسلامي مذهبًا غير المذهب السائد وغير المذهب المشهور وينبغي أن يكون هذا هو منهج هذا المجمع، نأخذ الفقه من أوسع أبوابه، هذه من ناحية، من ناحية أخرى مسألة الرضاع المحرم، إذا صرفنا النظر عن مذهب الإمام الليث ورواية الإمام أحمد ومذهب الظاهرية، فهناك مسألة الشك في الرضاع، ما حكم اللبن المشوب؟ اللبن إذا اختلط بغيره، عند الحنفية رأي وهو رأي أبو يوسف وهو رواية عن الإمام أبي حنيفة أن اللبن إذا اختلط بغيره بلبن امرأة أخرى فالحكم للغالب منهما، ولكن هنا ليس هناك غالب ومغلوب، اختلطت ألبان كثيرة فلم يعد هناك أثر لأي امرأة منهن، ثم من ناحية أخرى أيضًا ذكر الحنفية وقد نقلت في البحث ما ذكره ابن مودود صاحب كتاب الاختيار وهو من الكتب التي درسناها في المرحلة الثانوية في الأزهر، ذكر صاحب الاختيار: لو أن امرأة في قرية أرضعت طفلًا لا يحرم عليه نساء هذه القرية من أجل هذه المرأة لأن الشك في هذه الحالة لا يؤثر، فبناء على هذا قلت أيضًا أنه مادام الموضوع فيه شك لا نستطيع أن نحرم والشك قائم، وقد صح في الحديث الذي رواه مسلم أنه ((خمس رضعات مشبعات معلومات يحرمن)) معلومات وقد قام الشك هنا، من أجل هذا ملت إلى القول بأن هذه البنوك إذا كانت هناك حاجة إليها، لأنني بنيت رأيي في الحقيقة على قول الأطباء أن هناك حاجة قد تقوم لمثل هذه البنوك، وهناك أطباء آخرون قالوا إنه ليس هناك حاجة، إذا لم يكن هناك إليها فكفى الله المؤمنين القتال، إنما إذا قامت حاجة إليها أو حدثت بالفعل هذه الحادثة هل نحرم بنات البلدة على هذا الشخص أو لا؟ هذه هي القضية، أنا أميل في هذا في الحقيقة إلى التضييق في مسألة الرضاعة، يعني على عكس ما كنت في الزكاة، أنا أميل في التوسيع في وعاء الزكاة، أما في مسالة الرضاع فأنا أميل إلى التضييق في التحريم بالرضاع كما أميل إلى التضييق في التحريم بالطلاق أيضًا، وأنا ممن ينصرون مذهب شيخ الإسلام ابن تيمية في هذا، فلهذا أنا أقول أن المذهب الأقوى عندي أو القول الأقوى أنه ليس هناك ما يدل على التحريم، وقد قال بعض الاخوة إننا لماذا لا نأخذ بالاحوط بدل أن نأخذ بالأيسر؟ أنا من منهجي: أنه إذا كان هناك قولان متكافآن أحدهما أحوط والآخر أيسر فإني أفتي عموم الناس بالأيسر، وحجتي في ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثمًا، صحيح قد يأخذ الإنسان بالأحوط لنفسه أو يفتي أصحاب العزائم من الناس، أما عموم الناس وخاصة في عصرنا وقد ضعف الدين وقل اليقين، في هذه الحالة يفتي بما هو أيسر على الناس لأن هذه الشريعة حنيفية سمحة، ويعجبني من أقوال الأئمة السابقين ما ذكره الإمام النووي في مقدمات المجموع عن الإمام سفيان الثوري وهو إمام وأمير المؤمنين في الحديث وإمام في الفقه وإمام في الورع، قال الإمام سفيان الثوري رضي الله عنه: "إنما الفقه الرخصة من ثقة، أما التشديد فيحسنه كل أحد" أسأل الله سبحانه وتعالى أن يلهمنا الرشد والصواب وأن يغفر لنا إن أخطأنا وألا يحرمنا من أجر المخطئ إن أخطأنا وأن نكون من أهل الأجرين إن شاء الله، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

<<  <  ج: ص:  >  >>