الفصل السابع
موت الدماغ أو موت جذع الدماغ: الموقف القانوني والشرعي
لقد تبين مما سبق أهمية مفهوم موت الدماغ أو موت جذع الدماغ.. ونوجز فيما يلي الأسباب الداعية إلى استخدام موت الدماغ بدلا من موت القلب وتوقف الدورة الدموية.
إن الإصابات البالغة نتيجة الحوادث أو غيرها التي تصيب الدماغ قد تسبب موت الدماغ أو بالأحرى جذع الدماغ (وسنفصل فيما بعد في هذا المفهوم والفرق بينهما) وفي نفس الوقت فان أجهزة الإنعاش قد تجعل القلب يستمر في عمله والتنفس يستمر بواسطة المنفسة وبذلك تعمل كل أجهزة الجسم تقريبا ماعدا الدماغ الذي يكون قد مات.. ولهذا فان مثل هذا الشخص الميت يفرز البول أو الغائط وقد تنمو أظافره ويطول شعره وهو أمر يبدو غريبا على السامع.
المدة بين موت الدماغ وتوقف القلب:
والواقع أن الغرابة تزول إذا علمنا أن الدورة الدموية يمكن أن تستمر لعدة ساعات أو لعدة أيام بعد وفاة الدماغ وفي حالة موثقة نشرتها مجلة نيواتجلند جورنال الطبية المشهورة في ٧ يناير ١٩٨٢ أن شخصا توفي فجأة أثناء مشادة وتوقف قلبه وتنفسه وأدخل المستشفي بعد الإسعاف السريع واستمر تحت المنفسة وفي اليوم الثالث أوضحت كل الفحوصات أن دماغه قد مات.. واستمر التنفس الصناعي ليروا متى يتوقف القلب عن النبض.. واستمر قلب ذلك الشخص ينبض بوسائل الإنعاش الصناعي لمدة ٦٨ يوما بعد موت دماغه ولم يتوقف عن النبض إلا بعد ان قام الأطباء بإيقاف وسائل الإنعاش الصناعي.. وهي أطول مدة مسجلة وموثقة في هذا الباب.
الأسباب التي تدعو إلى إيقاف وسائل الإنعاش:
١- أن رعاية جثة وتنظيفها أمر يسبب آلاماَ مبرحة لأسرة ذلك الميت وللأطباء ولهيئة التمريض.
٢- والنقطة الأخرى الهامة هي أن تكاليف وسائل الإنعاش باهظة جدا.. وصرف ملايين الدولارات لجعل جثث تتنفس أمر ليس له معنى.
٣- كذلك فإن هذه الأجهزة باهظة الثمن وقليلة العدد.. ويحتاجها كثير من المصابين وتعطيلها على مجموعة من الجثث أمر يؤدى إلى فقدان مجموعة من الحالات التي كان بالإمكان إنقإذها لو استخدمت معهم وسائل الإنعاش في حينها.
وترك شخص يموت لعدم وجود وسائل إنعاش أو لأن وسائل الإنعاش موضوعة في شخص مات دماغه أمر ليس له ما يبرره
لهذا وجد الأطباء أنفسهم في حاجة إلى إيجاد مواصفات محددة لتعريف موت الدماغ وكذلك فإن مشاريع زرع الأعضاء تستدعى أن تنقل هذه الأعضاء من الموتى وهي في حالة جيدة أي أن خلاياها لا تزال حية وبما أن موت العضو لا يحدث دائما عند موت الشخص فإن هذه الأعضاء قد تبقى حية لفترة زمنية محدودة بعد موت العضو.
ومن المشاهد في الشاة بعد ذبحها أنها تتحرك بل إن ألياف عضلات اللحم تتحرك وتنبض بعد أن تسلخ الشاة ويقطع لحمها
وكذلك فإن القلب أو الكلى أو القرنية أو غيرها من الأعضاء الإنسانية المطلوبة في زرع الأعضاء يمكن أن تكون حية بعد وفاة الشخص.
وبما أن الفساد يسرى إليها فتصبح غير ذات فائدة بعد توقف الدورة الدموية فإن أخذ هذه الأعضاء مع وجود الدورة الدموية أو بعد لحظات من توقفها أمر يستدعى استمرار وسائل الإنعاش لحين أخذ هذه الأعضاء، وذلك بعد إعلان وفاة الشخص.
ولهذا لابد من توضيح موت الدماغ والاعتراف به في هذه الحالات الخاصة كعلامة على الموت وإصدار شهادة الوفاة بذلك بينما تبقى الجثة بعد ذلك تحت أجهزة الإنعاش حتى يتمكن الجراحون من أخذ الأعضاء المناسبة.
ولهذا الأمر محإذير.. ولذا ينبغي أن يكون الفريق الطبي الذي يعلن موت الدماغ لا مصلحة له ولا يشترك في أخذ الأعضاء المطلوبة، بل إن الفريق الذي سينقل الأعضاء ليس له الحق مطلقا في إعلان موت الدماغ.
وجوب الاعتراف بموت الدماغ:
إذن من الناحية الشرعية أو القانونية لابد من إجراء التغيير التالي:
الاعتراف بموت الدماغ بدلا من موت القلب كعلامة على موت الشخص في الحالات الخاصة التي تستدعي وضع أجهزة الإنعاش وبذلك يمكن إعلان الوفاة متى ما تم تحديد موت الدماغ والاتفاق عليه من قبل مجموعة من الأطباء المختصين وفي تلك الحالة يمكن إيقاف أجهزة الإنعاش وإبقاؤها على حسب الوضع المطلوب في المستشفي، فمثلا إذا كان المصاب قد أوصى قبل وفاته بتبرعه بأعضاء جسمه فإن الأجهزة يمكن أن تظل تعمل بعد إعلان وفاته لبضع ساعات أو ربما يوم كامل إذا كانت هناك حاجة للحصول على عضو أو أعضاء كاملة التروية لزرعها في مريض أو مرضى آخرين هم في أشد الحاجة إليها.
وقد كانت القوانين في العالم أجمع بما فيه الولايات المتحدة وأوربا تنص على أن الوفاة مرتبطة بتوقف القلب والدورة الدموية يقول قاموس بلاك القانوني إن الموت يعني توقف الدورة الدموية وتوقف الوظائف الأساسية للكائن الحي مثل التنفس والنبض.