وهذا الأمر قد تجاوزته القوانين في بعض البلدان التي اعترفت فعلا بموت الدماغ أو تلك التي اعترفت هيئاتها الطبية بموت الدماغ.. وتغاضى القانون عن التعريفات الأخرى وأوكل فيها الموت إلى الأطباء.
ولكن هل يمكن إيقاف أجهزة الإنعاش في البلاد التي لم تعترف بعد بموت الدماغ ولا تزال تتمسك بتعريف موت القلب وتوقف الدورة الدموية والتنفس كعلامة على الموت؟
إن إيقاف هذه الأجهزة في مثل هذه القوانين قد يعتبر قتلا.. لأن القلب لا يزال ينبض وإذا أوقفت الأجهزة فان القلب سيتوقف والدورة الدموية ستتوقف والتنفس سيتوقف فمتى إذن توقف الأجهزة في مثل هذه البلاد التي لم تسمح بعد بتعريف موت الدماغ؟
يبدو الوضع شبيها بما كان عليه في الستينات والسبعينات من هذا القرن في بريطانيا (عام ١٩٧٧عندما صدر قرار الكليات الملكية بتعريف موت الدماغ)
ففي ذلك الوقت كان الأطباء يتركون الأجهزة تعمل حتى يتوقف القلب تلقائيا رغم وجود الأجهزة وكما ذكرنا فان القلب يتوقف عن العمل بعد موت الدماغ إما ببضع ساعات أو بضعة أيام في معظم الحالات وان كانت هناك حالة موثقة أمكن ان يستمر القلب فيها بالضخ والعمل رغم موت الدماغ لمدة ٦٨ يوم (مجلة نيو انجلند ميدكال جونارل العدد ٣٠٦ ص١٤ـ ١٦ في ٧ يناير ١٩٨٢)
وقد وضع الدكتور أحمد شرف نقاشه على نقطة هي أن من أصيب بموت المراكز المخية العليا لا يتمتع بحياة إنسانية جديرة بالحماية.. ونحن لا نوافق على هذا التعبير.
فموت المخ Cerebrum ليس موتا للدماغ Brain فالمخ قد يموت أو تموت أجزاء كبيرة منه ويبقى الشخص يتنفس وقلبه ينبض تلقائيا بدون آلات كما حدث لآلاف الأشخاص المغمى عليهم والمصابين إصابات بالغة.. والتي تمثلها اصدق تمثيل قصة كارين آن كونيلان التي استمرت في غيبوبتها الطويلة أكثر من عشر سنوات مع موت المخ Cerebrum وبقاء جذع الدماغ حيا.. وكذلك قصة الفتاة الإيطالية سيسيليا بلاندى التي تهشم مخها في حادثة سيارة وبقيت على قيد الحياة في غيبوبة طويلة استمرت ١٢ عاما..
ورغم ان المخ في كلا الحالتين كان قد مات إلا أن جذع الدماغ لم يمت ولذلك فان هاتين الحالتين لم تعتبرا من الأموات الا بعد توقف القلب عن العمل تلقائيا وما تبعه من موت الدماغ..