للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ذكر الدكتور احمد شرف الدين ان (من توقف لديه عمل المراكز العصبية العليا التي تتحكم في وظائف الجسم لا يستطيع أن يتحكم في تعامله مع العالم الخارجي وتزول من ثم حياته الإنسانية ويصبح في حكم الأموات. ولما كان الإنعاش الصناعي لا يعيد للحياة الإنسانية مقوماتها، الإدراك والشعور والقدرة على الاتصال بالعالم الخارجي بعد ان ماتت خلايا المخ فلا يعد هذا العمل أيضًا جريمة قتل في حكم الشرع والقانون لان هذه الجريمة لا تقع إلا في محل هو حي بحسب تعبير الفقهاء أو في عبارة أخرى لان جريمة القتل تفترض وجود حياة إنسانية طبيعية)

وينتهي القول بأنه ليس في إيقاف عمل أجهزة الإنعاش الصناعي إذن بالنسبة لمن مات مخه ما يعتبر جريمة في حق الإنسانية، إذ أن موت المخ يعني انتهاء الحياة الإنسانية وانفصال هذه الحياة عن الحياة العضوية التي تحفظها هذه الأجهزة التي إذا أوقفت عن عملها فإن ما يحدث هو مجرد موت عضوي. فإذا ترك الطبيب أجهزة الإنعاش تعمل على جثة المريض بعد ذلك فإنه لا يفعل أكثر من إطالة الحياة العضوية بطريقة صناعية أي إطالة إحضاره وهذا ضرب من العبث طالما أنه لا فائدة منه لأحد يجب أن يتنزه عنه الطب. ويتعين من ثم فصل هذه الأجهزة لاستخدامها عند الأحياء. فهذا ما يقضى به القانون الإنساني الذي يعطى الأولوية لصالح الأحياء، لذلك فمن حق الأسرة من وجهة النظر الإنسانية أن تطلب إلى الطبيب إيقاف أجهزة الإنعاش الصناعي كما أن من حق الطبيب أن يوقف عملها فهذا ما يمليه عليه الواجب الإنساني ".

ونحن نوافق الدكتور شرف الدين فيما ذهب إليه لولا أن تعبير المخ ينبغي أن يستبدل بالدماغ إذ هناك فرق كبير بينهما. وكذلك تعبير الحياة الإنسانية من الإدراك والوعي والعقل. فإن هذه كلها قد تذهب كما في المجنون أو المغمي عليه ولا يقال لمثل هذا الشخص إنه ميت..

ولابد إذن من موت الدماغ بأكمله (الذي تنص عليه المدرسة الأمريكية) أو على الأقل موت جذع الدماغ (الذي تنص عليه المدرسة البريطانية) الذي به مراكز الحياة الأساسية والتي تتحكم في التنفس والدورة الدموية والقلب.

ولا يبدو لي أن الدكتور شرف الدين قد تنبه إلى هذه النقطة ولعله يعني بموت المخ موت الدماغ بأكمله كما تشير إلى ذلك بعض عباراته.

<<  <  ج: ص:  >  >>