وهناك اتجاه محدود لدى بعض الأطباء يرون فيه أن فقدان الحياة الإنسانية بمعنى الإدراك والتفكير والإحساس هو الموت ومن هؤلاء دكتور ستيوار بونجر ودكتور إدوارد بارليت في مقالهما الذي نشرته مجلة Annals. Of int. Medicine عام ١٩٨٣ (١)(٢٩٩ ص ٢٥٢-٢٥٨) وقد ركزا فيها على أن فقدان الوعي والمعرفة التي لا أمل في عودتهما أساس كاف لفقدان الحياة الإنسانية وبالتالي إصدار حكم الموت وهو تعريف يسبب مشاكل عويصة في الحالات التي ذكرنا أمثلة لها مثل حالة كارين آن كونيلان وسيسليا بلاندي حيث عاشت الأولى عشر سنوات والثانية اثني عشر عاما بعد فقدان كل مقومات الحياة الإنسانية..
لذا فإن الدوائر الطبية والقانونية ترفض مثل هذا التعريف للموت ولكنها تسمح بإيقاف أجهزة الإنعاش عن مثل هذه الحالات التي تفقد إلى الأبد كل مقومات الحياة الإنسانية ولذا فإن هذه الحالات لا تستوجب استمرار أجهزة الإنعاش فيها إلى الأبد وبذلك حكمت المحكمة العليا في الولايات المتحدة في قضية كارين آن كوينلان وأمرت الأطباء بإيقاف أجهزة الإنعاش وقد صدر الحكم في مارس ١٩٧٦ ورفعت الأجهزة في مايو ١٩٧٧ ومع هذا استمرت كارين في الحياة النباتية حتى عام ١٩٨٥.
ويتحدث الدكتور شرف الدين من الوجهة القانونية والشرعية فيقول هل إيقاف أجهزة الإنعاش يعد قتلا؟ فيقول " لا صعوبة في القول بأن إيقاف أجهزة الإنعاش الصناعي يعد قتلا إذا تم الإيقاف قبل موت مخ المريض وأنه على العكس لا يعد قتلا إذا كان تركيب الأجهزة قد تم بعد موت المريض فحياته هنا كانت غير متحققة فإن الصعوبة في الحقيقة في حالة ما إذا كانت هذه الأجهزة قد علقت على المريض قبل موت مخه – أي في وقت كانت حياته محققه وأوقفت عن العمل بعد ثبوت موت مخه فالمريض في هذه الحالة وإن كان قد فقد الحياة الطبيعية في رأي الطب الا أنه مازال يتمتع بها في نظر الفقه والقانون (في الدول التي لا تعترف بموت الدماغ) طالما لم يتخذ الإجراءات الرسمية لإعلان وفاته "
وهذه النقطة الأخيرة قد أمكن التغليب عليها بإعلان موت المريض عندما يموت دماغه (المدرسة الأمريكية) أو عندما يموت جذع الدماغ (المدرسة البريطانية) وبعد إعلان الموت توقف الأجهزة أو تستمر لحين استقطاع الأعضاء المطلوبة إذا كان المصاب قد تبرع بها قبل وفاته أو أن أسرته تبرعت بها بعد وفاته.
هل إيقاف أجهزة الإنعاش الصناعي يعد قتلا بدافع الشفقة (قتل الرحمة Euthanasi) معاقبا عليه؟
إن تعريف قتل الرحمة يعني السماح لشخص بالموت بدون إسعافه وهو قتل الرحمة السلبي Passive Euthanansia إذا كان يعاني من آلام مبرحة وإطالة حياته تسبب له تعذيبا وقد يكون قتل الرحمة إيجابيا بإعطائه كمية زائدة من العقار فترديه.
وهذا الفعل معاقب عليه قانونا وشرعا.. ويعتبر قتلا مهما أطلق عليه من أسماء ورغم ان دافعه الشفقة فإن هذا الدافع مرفوض شرعا وقانونا.
(١) Younger S. Bariette e. Human Doath and high technology the faiure of the whole Brain Formulation , Annals of int Med `٩٨٣. ٩٩: ٢٥٢-٣٥٨