للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا خلاف بين الفقهاء في أن المضارب يضمن رأس مال المضاربة، والربح الناتج عنه في الحالات السابقة، أي في حالة الخروج على حكم من أحكام عقد المضاربة، التي فصلتها الشريعة، بأن أتي تصرفا أو أبرم عقد أو اتفاقا لا يجيزه الشرع، أو وقع منه تعد، بأن صدر عنه فعل متعمد ترتب عليه هلاك رأس المال أو تلفه أو نتجت عنه خسارة أو ضاع بسببه ربح، أو سلك في إدارته للمشروع سلوكا يتسم بالتقصير ويوصف بالخطأ الذي لا يتوقع من خبراء الاستثمار أمثاله، نتيجة إهمال وعدم اكتراث، ولو لم يقصد أو يتوقع ترتب الضرر عليه، أو خالف في إدارته للمشروع شرطا أو قيدا أو توجيها تضمنه عقد المضاربة، أي تضمنته دراسة الجدوى ونشرة الإصدار وصكوك المضاربة.

ويمكن لحملة الصكوك أن يختاروا من بينهم مجلسا لمراقبة المشروع ومتابعة إدارته والتأكد من التزام المضارب لأحكام الشريعة وشروط المضاربة، واتخاذ الإجراءت المناسبة لحماية حقوق حملة صكوك المضاربة، فهذا المجلس يمثل أرباب المال وينوب عنهم فيما لهم من حقوق، ومهمته هي التأكد من تنفيذ إدارة المشروع للعقد وليس إدارة المشروع أو المشاركة في إدارته، إذ إن ذلك ينافي مقتضى العقد كما سبق بيانه، كما أن لحملة صكوك المضاربة أن يعهدوا بهذه المهمة لجهة أو هيئة معينة تقوم بهذه المهمة في مقابل أجر كمكاتب المحاسبة، والمكاتب الاستشارية، وذلك كله زيادة على قيام أجهزة الدولة بالرقابة على جدية المشروع ونزاهة القائمين عليه، وجدواه الاقتصادية، وسلامة إجراءات الاكتتاب فيه، وحسن إدارته، حماية لمصالح الجمهور، وحفاظا على المصالح الاقتصادية للمجتمع.

وهناك قضية هامة ينبغي الإشارة إليها، وهي إثبات التعدي أو التقصير أو مخالفة شروط المضاربة – من جانب المضارب – وقد سلك فيها المالكية مسلكا خاصا يحمي مصالح أرباب المال، فدعوى الهلاك أو التلف لمال المضاربة لا تقبل من المضارب إذا كانت هناك قرائن تكذبها، ويحكم بضمانه لما ادعى هلاكه أو تلفه. أما في دعوى الخسارة فإنهم يتشددون مع المضارب حماية لرب المال؛ فدعواه الخسارة لا تقبل إلا بشرطين: أحدهما أن يحلف اليمين على أنه قد خسر، وثانيهما: ألا توجد قرائن تكذب هذه الدعوى، وهذا الحكم يطبق على المضارب ولو كان حسن السمعة، غير متهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>