للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما تخصيص استعمال رأس المال في مشروع محدد بذاته فهو يدخل في باب حقيقة ما تشمله المضاربة حيث يجد المتتبع أن الفقه الإسلامي يسير في اتجاهين متوازيين: -

ففي الاتجاه الأول وهو رأي الأكثرين من فقهاء المذاهب الإسلامية فإنه ينظر إلى المضاربة على أنها من جنس المقارضة كالإجارة واعتبروا أن جهالة الأجر تجعل من هذا العقد أنه وارد على خلاف القياس مما ترتب عليه عدم التوسع عند هؤلاء الفقهاء في إجازة ما كان من نحو المضاربة من اتفاقات.

فقد ذكر الإمام الكاساني – رحمه الله-: (أن القياس في عقد المضاربة لا يجوز لأنه استئجار بأجر مجهول بل بأجر معدوم ولعمل مجهول، لكنا تركنا القياس بالكتاب العزيز والسنة والإجماع ... ) (١) .

وجاء في بداية المجتهد أن (القراض مستثنى من الإجارة المجهولة، وأن الرخصة في ذلك إنما هي لموضع الرفق بالناس) (٢) .

وقال الرملي في نهاية المحتاج: إن (القراض رخصة لخروجه عن قياس الإجارات كما أنها كذلك لخروجها عن بيع ما لم يخلق) (٣) .

وفي مقابل هذا الاتجاه المشتابه عموما فيما ذهب إليه فقهاء الحنفية والمالكية والشافعية نجد أن فقهاء مذهب الإمام أحمد بن حنبل ينظرون للمسألة بمعيار آخر وهو المعيار المبني على اعتبار المضاربة أنها من جنس المشاركات وليست من جنس المعاوضات وإن هذا العقد لا يكون / تبعا لذلك/ واردا على خلاف القياس.


(١) انظر الكاساني، بدائع الصنائع، الجزء الثامن، صفحة ٣٥٨٧
(٢) انظر – ابن رشد (الحفيد) ، بداية المجتهد، الجزء الثاني، صفحة ٢٣٦
(٣) انظر – الرملي، نهاية المحتاج، الجزء الرابع، صفحة ١٦١

<<  <  ج: ص:  >  >>