ثم قلَّت الأسباب الموجبة (ولما كانت هنالك العديد من المشاريع الاقتصادية القادرة على أن تسترد أصل التمويل اللازم لإقامتها من واقع الدخل المتحقق منها خلال فترة زمنية ملائمة فقد تبين أن الحاجة إلى توسيع قاعدة المتعاملين في مجال السندات بطلب استخدام هذا النوع الجديد من السندات المنظمة على أساس المشاركة في الإيراد المتوقع للمشروع الممول من حصيلة الإصدار المعين، وذلك على أساس إجراء التصفية التدريجية لهذه السنوات، وانتقال المشروع بكامله عند تصفية السندات الخاصة به ليصبح مع إيراده ملكا للجهة الحكومية ذات العلاقة)(١) .
ويمكن لسندات المقارضة إذا تم إصدارها من مؤسسات مالية إسلامية دولية كالبنك الإسلامي للتنمية / جدة أن يحقق دورا بارزا في انتقال رؤوس الأموال بين الدول الإسلامية بهدف دعم مشاريع التنمية التي يمكن أن تقام هنا وهناك في رحاب العالم الإسلامي.
وهذه قضية يجب أن يوليها مخططو السياسات الاقتصادية والمالية في عالمنا الإسلامي كل عناية لتوافر حجوم من التمويل الكبير في بعض البلاد الإسلامية تبحث عن مشاريع مناسبة لأغراض الاستثمار، وتوافر مشاريع ذات جدوى اقتصادية عالية في بعض البلاد الإسلامية الأخرى التي تبحث عن تمويل كاف من مصادر غير مستغلة، فأسلوب سندات المقارضة يتيح ذلك، على أسس شرعية مقبولة.
١٠- وبذا يظهر الدور البارز لهذا النوع من السندات في تحقيق التنمية الاقتصادية في المجتمعات الإسلامية المعاصرة، فهي تمكن وفق قواعد الاقتصاد الإسلامي من اجتذاب المدخرات وتجميع الأموال المطلوبة لإقامة المشاريع الاقتصادية الكبرى بطريقة تنسجم مع الإمكانات المتاحة لمختلف الأفراد وذلك بالاكتتاب بالسندات وفق قدراتهم وإمكانياتهم المالية، يشجعهم على ذلك سهولة تداول هذه السندات وإمكانية الحصول على أرباح مناسبة منها في حالة المحافظة عليها أو بيعها مستقبلا.
والواقع أن انسجام هذه الصيغة المطروحة مع أحكام الشريعة الإسلامية يجعل منها أداة مرغوبة ومحبذة لدى قطاعات عريضة من مجتمعاتنا مما يمكنها من النجاح في أداء دورها الاقتصادي المنشود.
ولا بد من التنبيه هنا إلى أن أسلوب سندات المقارضة لا يقوم في جميع الأحوال على إجراء التصفية التدريجية لأصل السندات.. بل يمكن تصور نوع من هذه السندات لا يقوم على التصفية التدريجية، إنما يعتمد مبدأ المشاركة الدائمة في نتاج المشروع.