للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولا: للمالك المؤجر أن يأخذ من المستأجر مقدارا مقطوعا من المال، بالإضافة إلى الأجرة السنوية أو الشهرية، إذا تراضيا على ذلك، وقام المؤجر بعدها بتسليم العقار إلى المستأجر، مؤثرا إياه على غيره من المستأجرين. ويعد المأخوذ جزءا معجلا من الأجرة المشروطة في العقد، وتكون الأجور التي تدفع في المستقبل سنويا أو شهريا جزءا آخر من الأجرة مؤجل الوفاء مضافا إلى ما تم تعجيله، مثل اتفاق الزوجين في العصر الحاضر على قسمة المهر إلى معجل ومؤجل، عملا بالعرف العام السائد في البلاد الإسلامية.

ثانيا: أن ما يأخذه المستأجر من بدل الخلو من المالك المؤجر لفسخ عقد الإيجار، ضمن مدة العقد، وتسليمه المأجور لصاحبه يعد كسبا حراما غير مباح شرعا في رأي الجمهور غير المالكية وأبي يوسف؛ لأن إقالة عقود المعاوضات المالية أو فسخها، كالبيع والإيجار، لا تجوز إلا بنفس العوض الذي تم التعاقد عليه في رأي الإمام أبي حنيفة الذي جعل الإقالة فسخا في حق العاقدين، بيعا جديدا في حق شخص ثالث غيرهما.

ومقتضى هذا الرأي أن الإقالة للبيع ومثله الإيجار، تصح بالثمن الأول، ويبطل ما شرطه المتعاقدان من الزيادة أو النقص أو الأجل، أو الجنس الآخر من الأعواض، سواء أكانت الإقالة قبل القبض أم بعده؛ لأن الإقالة فسخ في حق العاقدين، والفسخ رفع العقد والعقد وقع بالعوض الأول، فيكون فسخه بالعوض الأول، ويبطل الشرط الفاسد، فإذا تقايل العاقدان على أكثر من العوض الأول أو أقل على جنس آخر، يلزم العوض الأول لا غير.

وهذا هو الحكم أيضا على قول زفر الذي يجعل الإقالة في رأيه فسخا في حق الناس كافة وهو أيضا قول محمد الذي يجعل الإقالة فسخا إلا إذا تعذر ذلك للضرورة، فتجعل بيعا.

وكذلك قال الشافعية والحنابلة، الذين قرروا بطلان الإقالة في هذه الحالات بسبب الشرط الفاسد في البيع ونحوه، فلا تجوز عندهم الزيادة ولا النقصان.

أما الإمام مالك فيرى أن الإقالة بيع جديد، فيجوز فيها الزيادة أو النقصان وهو أيضا قول أبي يوسف الذي يجعل الإقالة بيعا جديدا في حق العاقدين وغيرهما، إلا أن يتعذر جعلها بيعا، فتجعل فسخا (١) .


(١) البدائع: ٥/ ٣٠٦، فتح القدير: ٥/ ٢٤٧، بداية المجتهد: ٢/١٤٠، الأشباه والنظائر للسيوطي: ص١٥٢، المغني لابن قدامة: ٤/ ١٢١ وما بعدها

<<  <  ج: ص:  >  >>