وبناء على هذا الرأي يصح للمالك المؤجر دفع زيادة عن الأجرة المقبوضة إلى المستأجر الذي دفعها، نظير فسخ الإجارة وتسليم المأجور.
وأما إذا وهب المؤجر باختياره ورضاه بعد انتهاء الإجارة من المال للمستأجر، يسميه الناس الآن (مقابل الخلو) لأجل إخراج المستأجر من المأجور، فهو أمر جائز باتفاق العلماء؛ لأن الهبة تبرع، وقد تم الدفع بالتراضي.
ثالثا: الحالة الغالبة المثيرة للنزاع: وهي ما يأخذه المستأجر من بدل الخلو من شخص آخر غير المالك المؤجر، مقابل تنازله عن اختصاصه بمنفعة العقار، ليحل محله ذلك الشخص في الانتفاع بالعقار.
هذه الحالة جائزة أيضا بشرط أن يكون التنازل ضمن مدة عقد الإجارة. فإذا كانت المدة سنة، أمضى المستأجر في العقار مدة ستة أشهر منها مثلا، جاز له التنازل لشخص آخر للانتفاع بالمأجور بقية المدة المتفق عليها بين المالك والمستأجر.
وإذا كانت مدة الإجارة سنويا (مسانهة أو معاومة) دون تحديد مدة قصوى، وهو ما يحدث الآن في عقود الإيجارات، فذلك جائز في رأي جمهور الفقهاء غير الشافعية، ولكنه لا يلزم إلا بالدخول في المدة الجديدة أو التلبس فيها، ويصير ذلك كعقد المعاطاة إذا جرى من المساومة ما يدل على التراضي بها.
وحينئذ يجوز للمستأجر التنازل عن المأجور في مدة أخرى نص عقد الإيجار على تجديدها ضمنا أو صراحة، وذلك مقابل مبلغ من المال يسمى اليوم (بدل الخلو) : لأن المستأجر مالك لمنفعة المأجور أثناء المدة، وله استيفاء المنفعة بنفسه أو بغيره باتفاق العلماء، وهذا يعني شرعا جواز ما يسمى اليوم (التأجير من الباطن) خلافا للقانون، لأن حق المستأجر في فقهنا حق عيني، وفي القانون حق شخصي.