للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما المالكية فهم أيضا كالشافعية، جاء في رسالة للمتأخرين من علماء المالكية بعنوان (جملة تقارير وفتاوى في الخلوات والإنزالات (١) . عند التونسيين) لمفتي المالكية إبراهيم الرياحي بتونس (المتوفى سنة ١٢٦٦هـ) والشيخ محمد بيرم التونسي، والشيخ ابن صالح باش مفتي المالكية بتونس، والشيخ محمد السنوسي قاضي تونس، جاء في هذه الرسالة ما يدل على تجويز المعاوضة عن الخلوات عملا بالعرف والعادة، ولأن المستأجر يملك المنفعة، فله أن يتنازل عنها بعوض كالإجارة وبغير عوض كالإعارة (٢) ، فقد نقل البناني عن البرزلي في النزول عن الوظيفة ما يقتضي جوازه، ونقل فتوى الفاسيين بجواز بيع الخلو، وقال الشيخ محمد بيرم: وما أشبه الخلو بالمغارسة، غير أن الخلو لا تحمل به ملكيات الرقبة، لتعلقه بالمنفعة.

وأما الحنابلة: فلم يجيزوا أخذ العوض على الاختصاصات؛ لأن محل حق الاختصاص الانتفاع فقط، ولا يملك أحد من مزاحمة مستحقة، لكن الاختصاص يجري فيما هو محرم كعصير العنب المتخمر عنه المسلم، ويجري في بعض المباحات كتحجير الأرض الموات، أما المملوكات الجارية في الأعيان والمنافع، فيجوز التنازل عنها بعوض (٣) .

والخلاصة: أن بدل الخلو جائز شرعا إذا كان ضمن مدة الإيجار مع المالك المؤجر، وأما بعد انتهاء المدة فلا يجوز التنازل عن المنفعة، ولا أخذ البدل عنها إلا برضا مالك العقار، وإبرام عقد آخر مع المستأجر الجديد، وإلا كان أخذ البدل سحتا حراما، والمتنازل غاصبا، وآكلا أموال الناس بالباطل، وكذلك يكون المتنازل معتديا على حقوق الآخرين.


(١) الخلو والإنزال والجلسة بمعنى واحد: وهو المنفعة التي يملكها دافع الدارهم لمالك الأصل مع بقاء ملكه للرقبة، فإن كانت الرقبة التي هي الأصل أرضا عبر عن تلك المنفعة بالإنزال في اصطلاح بعض الناس، وإن كانت حوانيت أو دورا، عبر عنها بالخلو في غير اصطلاح أهل فاس، وفي اصطلاحهم يعبر عنها في الحوانيت بالجلسة
(٢) الفروق للقرافي: ١/ ١٨٧
(٣) القواعد لابن رجب: ص١٩٢، المغني: ٥/ ٤٢

<<  <  ج: ص:  >  >>