وتنشأ الحاجة إلى بذل بدل الخلو في هذه الحالة الأولى لأسباب:
الأول: أن يكون المالك محتاجا إلى مال يبني به أرضه، أو مال يستعجل الحصول عليه. فيأخذ من الراغبين في استئجار الحوانيت مبالغ بدل الخلوات مقدما ليتمكن من البناء على أن يكون للمستأجر الذي بذل بدل الخلو حانوت معين منها، ويتفق الطرفان على أجرة شهرية أو سنوية، فوق بدل الخلو، تكون في الغالب أقل من أجر المثل بنسبة النصف أو أكثر أو أقل، وقد يتفق الطرفان على أن يكون للمستأجر حق القرار في الحانوت مدة معينة تكون غالبا مدة طويلة كخمسين أو ستين عاما، وقد يجري العرف باستحقاق المستأجر حق القرار أبدا ولو لم ينص في العقد على المدة.
وهذا النوع ذكره متأخرو المالكية، وأخذوا به، وكان أول من أفتى به منهم الشيخ ناصر الدين اللقاني وفتواه مشهورة، ونصها على ما نقله الشيخ عليش في فتاويه (٢/ ٢٤٩، ٢٥٠) والزرقاني وغيرهما، (سئل العلامة الناصر اللقاني بما نصه: ما تقول السادة العلماء أئمة الدين - رضي الله عنهم أجمعين - في خلوات الحوانيت التي صارت عرفا بين الناس في هذه البلدة وغيرها، وبذلت الناس في ذلك مالا كثيرا حتى وصل الحانوت في بعض الأسواق أربعمائة دينار ذهبا، فهل إذا مات شخص له وارث شرعي يستحق خلو حانوته، عملا بما عليه الناس أم لا؟ وهل إذا مات من لا وارث له يستحق ذلك ببيت المال أم لا؟ وهل إذا مات شخص وعليه دين ولم يخلف ما يفي بدينه يوفي ذلك من خلو حانوته؟ أفتونا مأجورين. فأجاب بما نصه: الحمد لله رب العالمين. نعم إذا مات شخص وله وارث شرعي يستحق خلو حانوته عملا بما عليه الناس، وإذا مات من لا وارث له يستحق ذلك بيت المال. وإذا مات شخص وعليه دين ولم يخلف ما يفي بدينه فإنه يوفى من خلو حانوته. والله سبحانه وتعالى أعلم) .